انهيار العملة الوطنية إخفاق أم فساد ؟

اخترنا لك

عبدالرحمن الزبيب:

خطورة انهيار العملة الوطنية هو في الارتفاع الجنوني لاسعار جميع السلع بسبب ان معظم احتياجات الشعب حوالي 90% يتم استيرادها من الخارج بالعملة الأجنبية  واي تراجع لاسعار العملة المحلية سيرفع اسعار السلع تلقائيا ًخصوصاً في ظل غياب اي دور ايجابي لضبط جنون الاسعار وانفلاتها.

ما يحصل من انهيار متسارع للعملة الوطنية يستوجب معالجتها بحلول جريئة وحقيقية وشاملة بعيداً عن الترقيعات المؤقتة ( ودائع بالعملة الصعبة فقط ) التي لاتصمد كثيراً ويتكرر الانهيار اكبر من السابق بعد استنفاذها ويحتاج المعالجة الكاملة الى حلول دائمة وشاملة ومستدامة  .

يستوجب ان يدفع الجميع ثمن اخفاق القطاع المصرفي لا ان يتحملها الشعب فقط .

الانهيار المتسارع للعملة الوطنية مؤشر واضح على اخفاق الحكومة في إدارة القطاع المصرفي وضبط انفلاته  وايضاً قد يكون فسادها للاسف الشديد .

حيث اصبحت الحكومة واجهزتها للاسف  تقوم فقط بدور المتفرج على مذبحة بشعة ضحيتها المواطن والمواطن فقط وهذا يعتبر اخفاق وفساد فجميع الاطراف ذات العلاقة بالعملة الوطنية ( الحكومة – القطاع الخاص – الشعب ) لايقومون بأي جهود ايجابية لايقاف انهيارها كون المتضرر من ذلك هو الطرف الضعيف وهو الشعب وجميع الاطراف الاخرى غير متضررة ان لم تكن مستفيدة من انهيار العملة الوطنية .

انهيار العملة الوطنية  المتسارع لم يأتي فجأة بل جاءت نتيجة إجراءات واختلالات واخفاقات في إدارة القطاع الاقتصادي بشكل عام والمصرفي بشكل خاص و استمر لاشهر وسنوات  وكانت ثمرة سلسلة الاخفاقات المستمرة  انهيار متسارع للعملة الوطنية .

مشكلة الحكومة انها لاتقوم بأي إجراءات فاعلة لضبط مسببات انهيار العملة الوطنية قبل استفحالها ووقفت متفرجة في الوقت الذي كانت تستطيع ان تقوم بإجراءات فاعلة لايقاف ما وصلنا اليه اليوم من انهيار كبير للعملة الوطنية والذي اصبحت الحكومة الان للاسف الشديد عاجزة عن القيام باي جهود ملموسة وعاجلة لتوقيف الانهيار واستعادة العملة الوطنية لاسعارها السابقة ويؤكد هذا العجز استمرارية الانهيار  حتى ولو قامت باي إجراءات ستكون معالجات ترقيعية مؤقتة ستتلاشى في وقت قريب والمفترض ان تقوم الحكومة بشكل عاجل بمعالجة مسببات انهيار العملة الوطنية واتخاذ الإجراءات العاجلة والصارمة لاستعادة العملة الوطنية لقيمتها وبما يؤدي الى ايقاف وتراجع جنون اسعار السلع والذي سيؤدي الى تفشي المجاعة بشكل اكبر مماهو حاصل نتيجة عجز المواطن  وينهار الاقتصاد الوطني بشكل كامل باعتبار الشعب اهم عناصر الاقتصاد والهدف له والذي يستوجب ان تقوم الحكومة بإجراءات عاجلة لكبح الانهيار المتسارع للعملة الوطنية واستعادة قيمة العملة الى ماقبل انهيارها واهم هذه الإجراءات العاجلة :

1.    تقييد مؤقت للاستيراد :

يستوجب على الحكومة الشروع في تقييد الاستيراد المنفلت للسلع والبضائع وان يقتصر الاستيراد فقط في السلع والمواد الأساسية للحفاظ على العملة الاجنبية الشحيحة من التبديد في شراء سلع كمالية وغير اساسية .

2. ضبط الاسعار

يستوجب ان تقوم الحكومة بضبط اسعار السلع وفقاً لما رسمه القانون الوطني بهذا الخصوص بحيث يتم انزال حملات دورية على كافة الاسواق ومنافذ البيع لتوقيف اي رفع للاسعار وان يتم الزام القطاع الخاص ببيع مخزونهم من السلع والبضائع بالسعر القديم والذي تم استيرادها بالسعر السابق .

حيث يلاحظ انه عند انتشار شائعات فقط بتراجع سعر العملة الوطنية يتم مباشرة رفع اسعار جميع السلع والبضائع بالرغم من انها مخزنه من سابق وقام القطاع الخاص بشراؤها بالسعر السابق وتتحول تلك الفوارق الكبيرة لهامش ربح للقطاع الخاص وللحفاظ على رؤوس اموالهم بالعملات الاجنبية ولو على حساب المواطن الضعيف ويستوجب لذلك ان يتم ضبط هذا الانفلات ومنع رفع سعر اي سلعة الا بعد نفاذ المخزون الكبير الذي قام بعض التجار باستيراد كميات هائلة من السلع والبضائع وتخزينها واحتكارها حتى يتراجع سعر العملة الوطنية ليتم اخراجها من المخازن باسعار مضاعفة وعدم السماح بالاستيراد الاب عد التأكد من نفاذ السابق

نعم هذا الاجراء سيؤثر على القطاع الخاص لكن سيكون حافز للقطاع الخاص ليقوم بدور ايجابي للحفاظ على العملة من الانهيار لانه سيتضرر من ذلك بدلاً من مايتم حالياً من استغلال واستفادة بعض التجار من تراجع سعر العملة الوطنية لرفع الاسعار وزيادة حجم الارباح وفي الحد الادنى الحفاظ على رؤوس اموالهم بالعملات الاجنبية يستوجب ان يتوزع الضرر على الجميع ليقوم الجميع بمعالجة الخلل لان الجميع متضرر اما استمرارية الحال على ماهو عليه الان فهو خاطئ ولن تكون هناك جدية حقيقية للقطاع الخاص لكبح انهيار العملة الوطنية لعدم تضررهم منها .

3. عدم ضبط السلع منتهية الصلاحية

بسبب التخزين الكبير للسلع والبضائع من قبل بعض التجار ونتيجة انخفاض القوة الشرائية للمواطن تكتظ المخازن بسلع وبضائع منتهية الصلاحية وبسبب عدم وجود حملات ميدانية لضبطها وضبط مروجيها يتم بيعها للمواطن بعد رفع اسعارها ولو تم ضبطها لفكر التاجر كثيراً قبل رفع السلع وكسادها لانها ستنتهي وسيتم اتلافها فيضطر لبيعها بسعرها دون مغالاه وسيتوقف الاحتكار واخفاء السلع في المخازن لان هناك من يضبطها عند انتهاؤها وسيتم اتخاذ اجراءات عقابية ضد من يبيع المواطن مواد منتهية الصلاحية .

4.  مشاكل ومعيقات تصدير النفط والغاز والسلع الوطنية

بسبب اعتماد الشعب بنسبة تتجاوز 90% من احتياجاته للاستيراد وعدم وجود اكتفاء ذاتي وطني من السلع والاحتياجات الاساسية فانه يلزم رفع حجم العملات الاجنبية ولن يتحقق ذلك مالم يتم معالجة مشاكل واختلالات التصدير بشكل عام وخصوصاً النفط والغاز باعتبارها اهم موارد الدولة لتغطية فاتورة الاستيراد وخلق توازن في السوق الوطنية ( العرض والطلب للعملات الاجنبية)

5. قرار تعويم العملة الوطنية

يستوجب مراجعة قرار تعويم العملة الوطنية بناء على المستجدات الجديدة باعتبار التعويم كان قرار خاطئ وكان احد اسباب انهيار العملة الوطنية كون التعويم كان مؤشر واضح لعجز واخفاق الدولة في ضبط التوازن في السوق الوطنية للعرض والطلب للعملات الاجنبية والذي بموجبها يتم تحديد سعر العملة الوطنية حيث يلاحظ انه منذ قرار التعويم والعملة الوطنية تتراجع وتنهار بلاكوابح وعند مراجعة الحكومة تقول انها قد رفعت يدها باصدار قرار التعويم .

6. اختلالات المنح والمساعدات الخارجية

كانت المنح والمساعدات مصدر جيد من مصادر الدولة للحصول على العملات الاجنبية كون تلك المنح يتم دفعها بالعملات الاجنبية او مواد عينية يتم شراؤها من السوق العالمية وكانت تغطي جزء هام من الاحتياج للعملة الاجنبية بضخ تلك المنح المالية في الجهاز المصرفي الوطني وايضاً المساعدات والاغاثة الانسانية تقوم بتخفيض حجم الاحتياج الوطني للسلع والمواد الاساسية والذي يستوجب اعادة تفعيلها ومعالجة كافة الاختلالات التي تعيقها .

7. التدخلات السلبية في القطاع المصرفي :

لن يتم تحقيق اي تقدم في اجراءات ايقاف انهيار العملة الوطنية مالم يتم تحييد القطاع المصرفي عن اي تدخلات ليمارس عملة بمهنية كاملة دون اي تدخلات كون اي تدخل سلبي في القطاع المصرفي سيؤدي الى اختلالاته وتعطيله وسيتضرر الجميع في جميع المناطق بلا استثناء وهذا ماحصل فاذا تم تحييد القطاع المصرفي عن اي تدخلات سلبية وستكون الاصلاحيات باشراف وقرار مهني للجهات الرسمية المختصة ممثله في بنك البنوك البنك المركزي ليقوم بضبط وتعزيز الرقابة على القطاع المصرفي بشكل عام ووفقاً للقانون لضبط اي مخالفات قبل استفحالها  باعتبارالبنك المركزي شوكة ميزان القطاع المصرفي ليقوم بتعزيز الرقابة المصاحبة لكافة العمليا المصرفية في القطاع المصرفي واصدار تعميمات تحافظ على العملة الوطنية من الانهيار وتوقف المضاربة واخفاء العملات الاجنبية الذي يؤدي الى اختلال التوازن ويرتفع  مستوى الطلب اكثر من العرض وتنهار العملة الوطنية بسببها .

8. ضعف القطاع العام والانتاج الوطني

اذا ماتم تصحيح اختلالات التصدير  بشكل عام وخصوصاً الغاز والنفط سيكون لدى الدولة كمية جيدة من العملات الاجنبية وبدلاً من ضخها للسوق الوطنية ليقوم القطاع الخاص باستيراد الاحتياجات الاساسية بالامكان ان يتم تفعيل مؤسسات القطاع العام لتقوم هي باستيراد السلع الاساسية بالعملات الاجنبية المتوفرة من تصدير النفط والغاز وغيرها من الموارد وتبيعها للمواطن باسعار التكلفة  وبهامش ربح بسيط يغطي نفقتها التشغيلية للاستفادة القصوى من العملات الاجنبية بدلاً من تبديدها ويستوجب ان يتواكب ذلك مع رقابة شاملة للحد من اي اختلال او فساد يتخللها .

بالاضافة الى امكانية قيام الدولة بدراسة الاحتياجات الاساسة للشعب وامكانية تغطيتها من الانتاج الوطني لخفض فاتورة الاستيراد وكذا دراسة البدائل المتاحة لتوفيرها من مصادر مناسبة ومنها قارة افريقيا كون اسعارها مناسبة كونها قريبة واسعارها بسيطة مقارنه بالمناطق الاخرى

9. انعدام  الشفافية والفساد

من ضمن مسببات انهيار العملة الوطنية هو عدم الشفافية في الايرادات الوطنية وتفشي الفساد في مفاصل اجهزة الدولة والذي تحولت الى ثقوب سوداء تتسرب منها الايرادات الشحيحة ويستوجب لمواجهتها الشروع في تنفيذ اجراءات عاجلة لتعزيز الشفافية الكاملة للايرادات والنفقات بشكل كامل ومكافحة الفساد بشكل عاجل وبلا استثناء .

10. اختلالات الايرادات والنفقات العامة :

من مسببات انهيار العملة الوطنية اختلالات الايرادات العامة والنفقات العامة ويستوجب اعادة النظر فيها لتفعيل الايرادات بالحد من التهرب الضريبي والجمركي وتصحيح اختلالاتها  وتقليص النفقات غير الضرورية وان تكون هناك موازنة طارئة تصحح الاختلالات في جميع بنودها ايراداً ونفقةً

11. التوزيع غير العادل للثروة

للاسف الشديد تشهد الساحة الوطنية اختلال كبير في توزيع الثروة فتجد الاغنياء يزدادون غنى والفقراء يطحنون بفقر مدقع وتلاحظ العمارات الجديدة ومظارة الغنى المفرط يتواكب مع فقر مدقع يذبح الشعب بلاسكين والسبب عدم قيام اجهزة الدولة باتخاذ إجراءاتها القانونية والتي تضمن التوزيع العادل للثروة وعدم تركيزها عند قيادات الدولة او القطاع الخاص ويستوجب اعادة النظر في الدورة النقدية للثروة في الوطن ومصادرها ليتم اعادة توزيعها والحد من تكدسها لدى اشخاص محددين كون تكدسها لدى اشخاص محددين او فئات محدده يؤدي الى حرمان بقية الشعب من الثروة وضياع الثروة الوطنية من اصول وسيولة نقدية محلية او اجنبية في اشياء وسلع كمالية تصرفها تلك الفئات المكدسة لديها الاموال ولو تم اعادة النظر وتوزيع الثروة بعدالة ستتوزع بين افراد الشعب ليقوموا بتغطية احتياجاتهم الاساسية بدلاً من ضياعها في مصروفات كمالية لتلك الفئات المحتكرة

12. توقيف المرتبات وطبع العملة الوطنية دون غطاء

من ضمن مسببات انهيار العملة الوطنية هو توقيف المرتبات عن معظم موظفي الدولة وفي نفس الوقت يتم طباعة كميات كبيرة من العملة الوطنية بمبرر صرف مرتبات موظفي الدولة فلاتم صرف المرتبات ولاتوقفت طباعة عملة وطنية وهذا يؤدي الى تضخم في بعض المناطق وانكماش في الاخرى وهذا تشوية للعمل الاقتصادي يستوجب التصحيح وان يتم توقيف طباعة اوراق نقدية جديدة وصرف جميع مرتبات موظفي الدولة واعادة توزيع الموجودة بعدالة ولايتم طباعة اي اوراق جديدة الا عند توافر غطاء نقدي بالعملات الاجنبية للحفاظ على العملة الوطنية من الانهيار نتيجة الطباعة دون تغطية والمفترض ان لايتم الطباعة عشوائياً بل وفقاً لضوابط وشروط علمية ومهنية لكي لاتتحول الطباعة النقدية الى ساطور يمزق العملة الوطنية بدلاً من معالجتها .

وفي الأخير :

ندق ناقوس الخطر بسبب انهيار العملة الوطنية وانخفاض قيمتها الشرائية امام العملات الوطنية والذي سيؤدي مباشرة الى ارتفاع وجنون اسعار جميع السلع والخدمات وتدمير الاقتصاد الوطني الذي يعاني من اختلالات جسيمة والذي يعتبر الانهيار المتسارع للعملة الوطنية اخر مسمار في نعش الاقتصاد الوطني ويستوجب توقيف ذلك الانهيار بقيام اجهزة الدولة بدورها القانوني والدستوري بحياد واستقلال ودون اي تدخلات سلبية في القطاع المصرفي واعادة تفعيل دور البنك المركزي ليقوم بدوره بالرقابة وضبط القطاع المصرفي بشكل عام وبلا استثناء وبشكل مهني والغاء قرار تعويم العملة الوطنية الذي يعتبر احد اسباب انهيارها المتسارع  وان يتواكب ذلك مع اجراءات تصحيحة تشمل كافة الانشطة الاقتصادية باجراءات سريعة وفاعلة لان اي تأخير سيؤدي الى تفاقم الاضرار وصعوبة التصحيح حيث ومايزال الوقت متاح لاتخاذ اجراءات جريئة وسريعة تصحح الاختلالات الاقتصادية وفقاً لخطط طارئة وعاجلة وشاملة ومنها ما أوردناه اوردناها سالفاً في مقالنا هذا وان يشارك جميع الاطراف ( الدولة والقطاع الخاص والشعب ) في تحمل أعباء هذه الكارثة الاقتصادية بانهيار العملة الوطنية لان الجميع متضرر منها ويستوجب ان يعاني الجميع منها لا ان يتم حصر الضرر على الشعب فقط ويتخلى بقية الاطراف عن مسؤليتهم القانونية والاخلاقية وان تكون معالجة وتصحيح شاملة بخطط تكتيكية سريعة وايضاً خطط استراتيجية لكي لايستمر الانهيار او يتكرر ويستوجب ان لايتم فقط الترقيع المؤقت بل التصحيح الشامل كون انهيار العملة الوطنية المتسارع مؤشر واضخ لاختلالات متراكمه يستوجب توقيفها وتصحيحها بسرعة وفعالية لاهميتها في توقيف تدمير الاقتصاد الوطني الضعيف باعتبار انهيار العملة الوطنية اخفاق وفساد .

الخبر اليمني/أقلام

أحدث العناوين

المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تنفذ إعدامات ميدانية ضد الأطفال في محيط مستشفى الشفاء

أفاد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن جيش العدو الإسرائيلي المجرم نفذ عمليات إعدام ميدانية بحق أطفال في محيط مجمع...

مقالات ذات صلة