ذاكرة إلا وجع

اخترنا لك

وضحى مرشد:

تغيرت معالم المدينة… الاسماء، العناوين ،والمنافذ ، واستبدلت بيوت الطين الحميمة بأبراج الاسمنت الرمادية المخيفة ، كانت امي منشغلة على الهاتف تدعو صديقات اختي الكبرى للغداء ، امي امرأة مضياف، واخوتي جميعا يحبون الاحتفالات كأبي ، يبدو انها صفة وراثية !! وانا وحدي من اكره الزحمة ، رغم ان منزلنا كبير !! اكره كثرة الوجوه والايدي، اكره الصراخ ، واناس يتبادلون احاديثا لا تعنيني…

تملصت من أمي كعادتي ، وخرجت اهيم على وجهي في مدينة لا روح فيها ، كان هناك رجل سبعيني بمعطف شتوي في عز الصيف ، الاشارة خضراء لكنه يقطع الشارع غير عابئ بسيل السيارات والشتائم ، هنا في مدينتي يتغير مزاج الطقس والناس في اليوم الواحد بسرعة جنونية !!! على قارعة الرصيف تجلس شحاذة شابة ، سالتها( كان هناك مخرج هنا للشارع الاخر ، هل تدليني على منفذ ما للشارع المقابل ؟) واشرت يمينا ، فأشارت بيدها بصمت لكل الاتجاهات ، وكأنها بوصلة فقدت صوابها ، ورمقتني من خلف شرشفها الاسود بعيون نارية … تحولت فجأة كل عيون المارة صوبي، تحول المكان كله لعيون نارية ، واصابع مسددة كطلقات تشير نحوي !!!

اطلقت قدمي المرتعشة للريح ، واندفع بغتة هواء كثير لمجرى تنفسي ، وكأن رئتي ستتمزق !!!

بالأمس في مسلسل كفر دلهاب تم حرق أحد القتلة ، فبدأت الخيانات ، وقتل القتلة بعضهم ، يتعاون الصداع والاسئلة للفتك براسي، هل ستنتهي الحرب كما انتهت قصة الكفر الملعون بالدم؟؟

امي مثلا مقتنعة ان الله عادل كفاية ليأخذ بحقك في الدنيا ، ورحلت اليه وهي مظلومة !!!! مدهش كيف يمكن لاحد ان يخذل ثقتك به ، انا ايضا اجيد الخذلان كالآلهة تماما… خذلت أمي وفررت من وليمتها ، فعوقبت بالتيه في مدينة ملحية تشبه ملامح حبيبتي ولا تشبهها ، خذلت قلبي وبدل ان اسقطك من داخله قتلته ، وابقيت عليك … لكنك لا تجيد النبض !!!

في المشهد السابع والثلاثين من حلمي كانت جودي تتمرد على سلطتي وترحل ، وكنت انت هناك في مدينتي الرمادية وجه كالح اخر يعبر بهموم وبلا اهتمام ، بمعطف شتوي في عز الصيف !!!

اكانت ستبقى اكواخ الفقراء الدافئة ، وبسمة امي وكرم ولائمها ، ويدي ابنتي وضحكتها وهي تركض الى حضني ، ومعالم بلدتي قبل الزحف البرجوازي للحديد والاسمنت … لو انك احببتني ؟؟!!

ماذا لو انك أحببتني فعلا ؟؟

اعرف انك لو كنت فعلت واحببتني … لما صرت وجها عاديا كالحا بلا ملامح ، تقطع الشارع غير عابئ بسيل السيارات والسباب !!! في مدينة رمادية تغرق في الاسمنت وتشبه ملامح حبيبتي!!!

#كابوس

#ذاكرة_إلا_وجع

#ZA

الخبر اليمني/ أبجدية

 

أحدث العناوين

فرقاطة ألمانية تستجيب لدعوة الحوثي وتنسحب من البحر الأحمر

غادرت الفرقاطة الألمانية "FGS Hessen" إلى بلدها بعد 58 يوما من تواجدها في البحر الأحمر إلى جوار تحالف أمريكي...

مقالات ذات صلة