تحليل: طبيعة التطورات في السعودية وتأثيراتها على اليمن ولبنان بعد صاروخ “بركان H2 “

اخترنا لك

أنس القاضي:

ثواني معدودات احتاجها البركان اليمني ليدمر قاعدة الملك «خالد» الجوية في الرياض، لكن الانفجارات السياسية لم تتوقف، قد تكون مصادفة أن تتفجر الحالة السياسية السعودية بالتزامن مع الباليستي اليمني، أما مساعي أسرة «سلمان» للاستفراد بالحكم، فهو مشروع قائم من قبل انطلاقة البركان، وربما عززت التعجيل بهذا المشروع المستجدات الاقليمية في اليمن وسوريا التي تصب في غير صالح الرياض، ولا تظهر هذه الأحداث كمغامرة خاصة للأمير «محمد بن سلمان» إذ تحفها الرعاية الأمريكية وصمت القبول الضمني، وكأن لها علاقة بالتريليونات التي عاد بها «ترامب» قبل أشهر من الرياض، ومستقبل التطبيع العلني مع إسرائيل في المنطقة. وتتخذ إدارة سلمان هذه الخطوات السياسية في البيت السعودي وعلى مستوى المملكة، بسرعة غير معقولة للاستفادة قدر الإمكان من وجود الرئيس الامريكي دولاند ترامب في سدة السُلطة.

 فبقية الأمراء لديهم لوبيات سياسية في أمريكا كانت لتعيق حدوث هذه التطورات السياسية لو تمت في ظل إدارة الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» أما بعض الأمراء كـ «الوليد بن طلال»، فبجانب مركزه السياسي في السعودية وضرورة إزاحته كبقية الأمراء كمصلحة “سلمانية”، تتوافق هذه الرغبات السلمانية مع الرغبات الشخصية لترامب، في استهداف الوليد بن طلال الذي دخل معه في تهديدات ومشادات إبان الحملة الانتخابية الأمريكية.

تطورات البنية الاقتصادية الاجتماعية السياسية في المملكة وطموحات الأمير هل تتفق؟

يطمح بن سلمان للقيام بعملية تحديث تستجيب لشروط السوق الحرة والقوى الإمبريالية المهيمنة في أمريكا، وتكون مكافئة حكمه، على غرار نموذج «محمد بن زايد» في الإمارات. ظل النظام السعودي يعتمد على الرخاء الريعي للمجتمع المدعوم من السيطرة الأيديولوجية الشمولية المطلقه للوهابية في السيطرة على مواطني المملكة، الذين كانوا رعايا منضبطين للعشيرة الحاكمة. ذلك لأن الرخاء هو أساس الاستقرار -ولو كان السلطان جائراً-. لكن الرخاء النفطي الذي اعتمدت عليه المملكة السعودية في بقائها لم يعد مستداماً، ولا يُمكن الاعتماد عليه في حماية نظام الحكم، خاصة مع انخفاض سعر النفط عالمياً ومع اختراع محركات طاقية جديدة صديقة للبيئة غير معتمده على النفط مما يُفقده جزءاً من أهميته السلعية. مع التطورات في وسائل استخراج النفط الصخري التي تكسر هيمنة نفط “أوبيك” على سوق الطاقة.

وإذ كانت المملكة في السابق مرتهنة فقط إلى الدور الأمريكي الحامي لبقاء نظامها النفطي، الذي هو جزء من بُنية البترودولار الاقتصادية العسكرية السياسية للولايات المتحدة التي تعتمد عليه في حماية نظامها المالي، فسوف تغدو المملكة مستقبلاً بعد التخفف من النفط بحاجة إلى المفاضلة بين خبرات متعددة في السوق الاقتصادي العالمي وفي التبادل التجاري والتقني وتبادل الخبرات، وهو ما يعني انفتاح السياسية السعودية على كل اتجاهات العالم السياسية مما يعود بالفائدة عليها بمنحها قدراً من الاستقلالية. وقد بدأت هذه التوجهات في الاتفاقيات الاقتصادية التجارية الثقافية مع كل من جمهورية الصين الشعبية وجمهورية روسيا الاتحادية، التي كانت تخدم تطلعاتها هذه بشكل رئيسي، بجانب تغاضي هذه الدول عن عدوانها على اليمن. كما أن هناك مصلحة سياسية لتوجه المملكة إلى الصين وروسيا بعد استشعارها لانحسار الجبروت الأمريكي من المنطقة وعجز الأخيرة عن حل المشاكل السعودية إقليمياً وخاصة الملف النووي الإيراني.

سيعتمد ابن سلمان على المستوى الداخلي في القيام بهذه التحديثات الاقتصادية والاجتماعية على الشباب المتعلم الجديد في السعودية الذي عاصر التطورات “التربواعلامية” وعاش في ظل سقوط السقف الايدلوجي الوهابي بالعلنية التي توفرها التقنيات الالكترونية الذكية.

 ويسعى ابن سلمان في هذا الاتجاه إلى تحويل النفط من منتج طاقة إلى مواد خام للعديد من الصناعات، وبناء المدن الصناعية، وإلى “سعودة العمل” أي إشراك المواطنين في السوق الاقتصادي، وإلى فرض الضرائب، في خطته المعروفة بخطة 2030.

 ومختلف هذه التوجهات الاقتصادية قد بدأت عمليا من قبل وصول سلمان،إذ يبني الأمير الشاب على التطورات التنموية في البنية التحتية الاقتصادية التي بدأت من الثمانينات، ويبدو من المحتوم على مستوى هذه البنية التحتية، انتصار التطور البرجوازي الرأسمالي في السعودية وهزيمة نمط دولة الرخاء النفطية الريعية التي أمنت بقاء النظام في الفترات السابقة، هذا الانتصار البرجوازي سينعكس عنه بالضرورة بروز البناء الفوقي البرجوازي في صيغته المتنوعة أقلها الملكية الدستورية، في انتصار الحريات الاجتماعية التي هي ضرورة اقتصادية يحتاجها سوق العمل من حيث القوى العاملة السعودية -والمرأة جزء منه- ومن حيث استيعاب العمال الفنيين والتقنين من مختلف التوجهات الفكرية والدينية سواء أكانوا سعوديين أم أجانب. وقد بدأ سلمان في هذه التوجهات بإتاحة القيادة للمرأة وتقليم أظافر هيئة الأمر بالمعروف التي غدت شكلية، وإعلان بن سلمان الحرب على الوهابية.

 ويبدو بأن الأمير بن سلمان يستوعب ضرورة التطورات الاقتصادية الاجتماعية، ويسعى إليها بإدراكه الشخصي أو عبر شركات الاستشارات والتخطيط الغربية؛ بل باستجابته المباشرة لشروطها، فيما يجهل أو يتجاهل ما يجب أن يرافق تطورات البنية التحتية من حقوق دستورية وحريات سياسية، ففي هذا الاتجاه لا يريد أن يتقدم أي خطوة، وهو لن يعاني فقط من مشكلة عدم الاستجابة للحاجة في التطورات السياسية والدستورية، ولكنه أيضاً سيعاني من مقاومة القوى المحافظة وخاصة الوهابية، ومن ممانعة أمراء العشيرة السعودية الذي يريد الانقلاب عليهم.

 مكافحة الفساد باب أخر نحو العرش الملكي

 من بوابة مكافحة الفساد أتت هذه التطورات السياسية الغير مسبوقة في السعودية، بعد ساعات من إصدار الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز أمراً ملكياً بتشكيل لجنة عليا لمواجهة الفساد، ونص الأمر أن تكون اللجنة برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان وعضوية رئيس هيئة الرقابة والتحقيق ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة.

وأتاح الأمر الملكي صلاحيات واسعة لهذه اللجنة العليا لمواجهة الفساد التي يترأسها ولي العهد، وهي حصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام، واتخاذ الإجراءات اللازمة مع المتورطين في قضايا الفساد العام وإجراءات بحق الأشخاص والكيانات والأموال والأصول الثابتة والمنقولة في الداخل والخارج، وإعادة الأموال للخزينة العامة للدولة وتسجيل الممتلكات والأصول باسم عقارات الدولة، والتحقيق وإصدار أوامر القبض والمنع من السفر وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها، وتتبع الأموال والأصول ومنع نقلها أو تحويلها من قبل الأشخاص والكيانات. وهو ما تحقق بعد ساعات من هذا الأمر!!! ولا يُمكن تجاهل موضوعية هذا البُعد الاقتصادي إذ أمكن ابن سلمان من السطو على الممتلكات الاقتصادية لكل هؤلاء المُعتقلين، وتعويض خزينة الدولة عمَّا قدمه لترامب من تريليونات، ومواجهة عجز الموازنة التي أفرغتها تكاليف العدوان على اليمن الذي يدخل عامه الثالث.

نقل الحكم من آل سعود إلى آل سلمان!

 من الهزلية تصديق رواية بن سلمان أن الفساد هو العامل الرئيسي الذي يقف وراء اعتقال الأمراء فالمتأمل في قائمة الأمراء والشخصيات التي اعتقلها بن سلمان، والتي تصل إلى نحو 11أميراً و38 وزيراً ونائب وزير حالي وسابق ورجال أعمال، يصل إلى حقيقة، بأن الرجل قام فعلياً باعتقال البُنية السياسية الفوقية للنظام السعودي، ولمن تحت أيديهم الإدارة العسكرية والمدنية والمُلكيات الاقتصادية والإعلامية الهامة. في سياق كله مؤكد أن بن سلمان لا يقوم فقط بعملية إزاحة الشخصيات والقوى المنافسة له في ظل الحكم السعودي؛ بل يقوم بتغيير جذري في بنية النظام الملكي باستئصال نفوذ كل ما لهُ علاقة بالعائلة الحاكمة السعودية، وإعلانها “مملكة سلمانية”، حتى لو بقي الاسم سعودي ولم يتغير، فمضمونها “السلماني” لم يعد يطابق شكلها السعودي منذ إقدام بن سلمان على هذه الخطوات.

 فبالإضافة إلى تسريح قائد القوات البحرية «عبدالله بن سلطان» بإحالته إلى التقاعد، أو من تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي نبأ وفاتهم كـ«الأمير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز آل سعود»، والذي تحدثت الأنباء عن اشتباكات بين حراسه قصره وقوات بن سلمان، بالإضافة إلى الأمير «منصور بن مقرن بن عبد العزيز»، الذي سقطت مروحيته في عسير مع طاقمه الحاكم في إمارة عسير ووزراء، فيما تحدثت وسائل إعلام صهيونية من بينها “يديعوت أحرنوت” بأن «منصور بن مقرن» تم إسقاط طائرته وهو متوجه إلى اليمن. وأياً كانت الملابسات المحيطة فإن النتيجة هي الأهم. كما تتوارد أخبار عن هروب بعض الأمراء إلى إيران وإلى اليمن لطلب اللجوء السياسي. وكلها أحداث تتطور في سياق دعم الفرضية السابقة.

هل تدخل السعودية في مواجهة مباشرة مع إيران؟

بناءً على صفعة الصاروخ الباليستي، تواصل المملكة العربية السعودية حشد التضامنات السياسية الدولية والفئوية الطائفية، وتحميل “الجمهورية الإسلامية” تبعات قصف الرياض من قبل قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية، وكالعادة اتهمت الرياض طهران بالوقوف خلف هذا الصاروخ، فيما صعد وزير الخارجية السعودي من خطابه إلى ما سماه احتفاظ بلده “بحق الرد”، بدورها ايران نفت كلية صحة الاتهامات، ودافعت عن موقفها، فيما اعتبرت منظمة “هيومن رايتس” أن اطلاق الصاروخ اليمني جريمة حرب باعتباره قصف عشوائي على مدن آهلة بالسُكان، ثم تلت ذلك بتصريح آخر مفاده بأن إطلاق الصاروخ لا يُبرر قيام السعودية بفرض قيود على المنافذ اليمنية، فيما أعلنت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة «نيكي هايلي»، أن إيران خرقت قرارات مجلس الأمن الدولي بعدم تصدير السلاح إلى اليمن، مستندة في ذلك إلى ما ذكرته بعثة الأمم المتحدة لدى المنظمة الدولية أن الصاروخ كان إيراني الصنع، مشيرة إلى “عدم وجود هذا النوع من السلاح في اليمن قبل اندلاع النزاع“.

الباحث العلمي الأقدم في مركز الدراسات العربية والإسلامية التابع لمعهد الاستشراق لدى الأكاديمية الروسية للعلوم «بوريس دولغوف» استبعد أن يحدث صدام مباشر بين السعودية وإيران في اليمن، مرجحاً أن تزيد السعودية من ضغوطها العسكرية على اليمن بالإضافة إلى تشديد الحصار على المنافذ اليمنية، ومستبعداً أيضاً حدوث صدام مباشر بين السعودية وإيران، معتبراً أن ذلك سيكون كارثة على السعودية بالمقارنة بين القدرات العسكرية للبلدين، وما تواجهه السعودية من أزمات داخلية منها “الطائفة الشيعية” المضطهدة في المناطق الشرقية وعلى الحدود اليمنية.

استقالة الحريري للضغط على حزب الله

يتم الضغط على حزب الله باستقالة الحريري من قبل السعودية التي تهدف لتراجع حزب الله عن القتال في سوريا والعراق، للعودة إلى ما يسمونه بالوفاق الوطني اللبناني الذي يعني حياد لبنان من قضايا المنطقة. وحسب هذا التوجه السعودي الإسرائيلي مع تيار المستقبل، فإذا لم يتراجع حزب الله عن القتال خارج لبنان، فلن يعود تيار المستقبل إلى الحكومة، ولن يشارك في حكومة قادمة تضم حزب الله، يشير إلى هذا الاستنتاج استعارة الحريري للأجواء التي سبقت اغتيال والده، إذ ماثلها بأجواء اليوم. وهي اللحظة التي بلغت بها القطيعة بين تيار المستقبل وسوريا وحزب الله أقصى درجاتها، مما يعني بأن أي حكومة دون مشاركة تيار المستقبل، ستمثل أزمة جديدة، بعدم الاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي وستبدو كحكومة “انقلابيين”، مما يعني انعدام الاستقرار السياسي في لبنان، المُراد تحميل عبئه حزب الله، وسيكون العبء مضافاً مع ضغوطات اقتصادية، وإثارة الطائفة السنية في لبنان.

المشهد السياسي الذي جاء به الحريري إلى الحكومة

جاء الحريري لرئاسة الحكومة اللبنانية بتسوية سياسية مع القوى الفاعلة في بيروت منها حزب الله. فيما ترى قيادات من تيار المستقبل، بأن الحريري قدم تنازلات بالقبول برئاسة حكومة رئيس جمهوريتها ليس محايداً في الشأن السوري، وحليفاً لحزب الله.

فلا ريب بتأثير الاستقالة في التحالفات الجديدة في لبنان، بإعادة خلط الأوراق من جديد، وعرقلة إجراء الانتخابات اللبنانية المُقبلة التي لا تُشير إلى قدرة حزب المستقبل على حشد كتلة كالتي كان يتمتع بها سابقاً، مما يعني تفوق ديمقراطي برلماني للتوجهات اللبنانية المساندة للمقاومة، ولم تخفٍ تل أبيب سعادتها بهذا المستجد، إذ اعتبر وزير شؤون الاستخبارات الإسرائيلي، «يسرائيل كاتس» استقالة رئيس الوزراء اللبناني، «سعد الحريري» بنقطة تحول، معتبراً أن الوقت حان لعزل “حزب الله” وإضعافه وتجريده من السلاح.

السعودية وسعد الحريري.. خسرته سابقاً لتحرقه مستقبلاً

 عملياً رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، انتهى بنظر المملكة العربية السعودية، بعد الاتفاق مع حزب الله، ولم يعد مفيداً لتأدية الدور الوظيفي المنوط بهِ، خاصةً أن التوافق بين تيار المستقبل وحزب الله جاء خارج الرغبة السعودية ودون توافق بين طهران والرياض، فكان بالضرورة أن تتخذ المملكة إجراءً ما بحق الحريري أو تدفعهُ إلى اتخاذ ذلك الموقف بنفسه، وهي تسعى إلى تصعيد شخصية جديدة من تيار المُستقبل يقوم بدور الحريري، يُرجح أن يكون «نهاد مشنوق وزير العدل» أو «أشرف ريفي».

ربما تكون المُصادفة هي استقالة الحريري في ذات مساء اعتقال الأمراء السعوديين، باعتباره محسوباً على جماعة الملك «فهد» و«سلطان» و«نائف»، لذا وجب على القيادة السعودية الجديدة التخلص منه والاستفادة من خروجه السياسي، بمسرحية الاستقالة، التي تثبت مسرحيتها كل الحيثيات السابقة للاستقالة التي صدرت من الرياض مخالفة للأعراف الديبلوماسية، فقبل يوم من استقالته استقبل الحريري شخصية إيرانية رفيعة وهي مستشار المرشد الأعلى الإيراني وكان لقاؤهم ودياً، كما أنه حين عاد من السعودية قبلها بيوم؛ أكد أن السعودية حريصة على الحكومة وبقائها وحريصة على الاستقرار في لبنان. واللافت للنظر أن نقاط الاستقالة، كان الحريري قد تجاوزها منذ توليه رئاسة الحكومة.

 خطاب الحريري يتلخص في إدانة السلاح الموجود لدى حزب الله، ولا يتكلم بشكل ملموس عن قضايا وإشكالات في التسوية السياسية وعن عمل الحكومة في الداخل اللبناني كأسباب دفعته إلى الاستقالة، يقف الشارع خلفها معه؛ بل تحدث عن كون سلاح حزب الله ليس موجهاً إلى إسرائيل بل إلى صدور السوريين واليمنيين. في اصطفاف إقليمي واضح ينفي عن الاستقالة البُعد الوطني، وهو ما يعني احتراقه سياسياً لدى الرأي العام اللبناني ولدى قوى المستقبل.

 هل تشهد لبنان عدوان حلف سعودي؟

استبعد السيد «حسن نصر الله» أن تؤدي استقالة الحريري إلى حرب في المنطقة، وكلام الرئيس عون حسم كل الذرائع السعودية، فسلاح حزب الله قضية شرق أوسطية لا لبنانية ولا عربية، يحل تسوية كل ملفات المنطقة. رغم تصاعد لغة الحريري في الحديث عن قطع اليد الايرانية التي تمتد إلى المنطقة العربية، وهي لهجة سعودية، أكثر منها لهجة قائد سياسي يتوخى القضايا الوطنية في استقالته.

فيما لا يزال سيناريو تطويق لبنان والعدوان عليها بحجه إعادة الحريري وانتزاع حزب الله، بدعم إسرائيلي مباشر، وأمريكي مثل هذا السيناريو ممكن إذ لا شيء مستبعد، إنما ليس كل ممكنٍ واقع. فالأولويات كما يبدو لا تخدم هذه التصعيد، فالداخل الاسرائيلي مُفكك ويعجز نتنياهو عن الهروب من أزمته إلى الحرب، كما أن الداخل الأمريكي ليسَ مُجمعاً على قرار حرب، ولدى ترامب ما يكفي من الإشكاليات الداخلية، بالإضافة إلى أن الداخل السعودي أكثر تفككاً مما كانت عليه بداية العدوان على اليمن. فهل تجبر أمريكا وإسرائيل بن سلمان على خوض هذه المعركة الأخيرة لتكون من موجبات جلوسه على العرش؟

إنما قد يتم تسدد ضربة سريعة إلى قوة حزب الله في سوريا والعراق لإضعافها دون الدخول في حرب طويلة، تلحق الضرر بإسرائيل.

هذه المعطيات التي تنفي إمكان تحقيق سيناريو الحرب على لبنان وحصارها، في إطار الواقعية السياسية والحسابات العسكرية الدقيقة، ولكن التحولات العالمية والاقليمية التي تدور بوتيرة سريعة لا يستبعد منها أن تفضي إلى قرارات حرب غير مدروسة تستجيب إلى مخاوف ونزعات عدوانية للحلف “العربي المعتدل” الأمريكي الإسرائيلي، وفي هذهِ الحالة لن تتغاضى روسيا بقدر تغاضيها عما يحدث في اليمن، ولبنان جزء من حليفتها بيروت ودمشق، فتظل هذه أضعف الاحتمالات.

مركز الدراسات الاستراتيجية والاستشارية اليمني

الخبر اليمني/أقلام

أحدث العناوين

نصائح ضرورية لمرضى القلب في رمضان.. تَعَرف عليها

مرضى القلب المسموح لهم بصيام رمضان ملتمون بتجنب بعض التصرفات الخاطئة التي ستعرضهم للخطر وهنا سنتعرف على بعض النصائح...

مقالات ذات صلة