إمبراطورية «الحريري» للإنشاءات تنهار في ظل تأزم العلاقة مع السعودية

اخترنا لك

الخبر اليمني/متابعات:

تظهر صلة المملكة العربية السعودية بالمشاكل التي تواجه رئيس الوزراء اللبناني «سعد الحريري» في مشكلتين رئيسيتين، الأولى مستقبله السياسي الهش، والثانية الانهيار الذي يلوح في الأفق لإمبراطوريته في مجال الإنشاءات، وهي المؤسسة التجارية التي بنيت على عقود من الدعم من قبل العائلة المالكة السعودية.

وكانت شركة «سعودي أوجيه»، وهي شركة بناء مقرها الرياض مملوكة بالكامل لأسرة «الحريري»، قد أغلقت عملياتها في المملكة هذا الصيف، بعد أن خفضت العائلة المالكة السعودية الإنفاق على مشاريع البناء الضخمة.

وتعتمد الشركة الآن على الحكومة السعودية، العميل الرئيسي، لدفع ملايين الدولارات من الأجور المستحقة للعمال السابقين للشركة، كما يقول الموظفون السابقون، وقال مسؤول سابق في الشركة إن مسؤولين سعوديين يحققون أيضا في أموال الشركة.

ولم يرد المتحدثون باسم «الحريري» و«سعودي أوجيه» والحكومة السعودية على طلبات التعليق.

تحول العلاقة

وتمثل مشاكل «سعودي أوجيه» مقياسا لتأثير الرياض على «الحريري» وعلامة على تحول علاقته بالحكومة السعودية، مع انعكاسات هذا التحول على لبنان أيضا.

وفي 4 نوفمبر/تشرين الثاني، فاجأ «الحريري» لبنان حين ظهر على شاشات التليفزيون السعودية في الرياض ليعلن تخليه عن منصبه كرئيس للوزراء.

وانتقد «الحريري»، -الذي يحمل الجنسيتين السعودية واللبنانية، والعضو صاحب الثقل في الكتلة السنية اللبنانية- إيران وحزب الله اللبناني بسبب ما وصفه بدورهما المدمر في الشرق الأوسط، وقال إنه يخشى على حياته.

وقد ضغط السعوديون على «الحريري» لتقديم الاستقالة، وفقا لأشخاص مقربين من «الحريري» والحكومة السعودية، وتريد الرياض، التي تدعم الكتلة السنية في لبنان، من «الحريري» اتخاذ موقف أكثر قوة ضد حزب الله، كجزء من النضال الإقليمي لمواجهة نفوذ إيران الشيعية.

وقد بقي «الحريري» في المملكة خلال الأسبوعين التاليين، الأمر الذي أثار اتهامات من قبل الشخصيات السياسية اللبنانية للسعوديين باحتجازه هناك رغما عن إرادته، فيما نفى متحدث باسم الحكومة السعودية أي دور في استقالة «الحريري»، وقال إن السيد «الحريري» يتمتع بحرية الحركة.

ومنذ ذلك الحين، سافر «الحريري» إلى باريس والقاهرة وقبرص للاجتماع مع قادتها، وبعد عودته إلى لبنان مساء الثلاثاء، قال «الحريري» إنه يتراجع عن الاستقالة بناء على طلب من الرئيس اللبناني «ميشال عون»، حتى يتمكن الرجلان من التباحث حول الأمر.

ويقول المحللون إن النفوذ السياسي الذي يتمتع به «الحريري» ينبع أساسا من العلاقات طويلة الأمد لعائلته بالسعودية، وقد لعبت هذه العلاقة، على مدى أعوام، دورا رئيسيا في النظام السياسي الطائفي في لبنان، الذي يقسم السلطة بين السنة والشيعة والمسيحيين، ويشكل كل منهم حوالي ثلث السكان.

وبدءا من والد «سعد»، «رفيق الحريري»، الذي أسس «سعودي أوجيه» وأصبح رئيسا للوزراء، ساعدت العائلة الرياض، على مدى عقود، في التأثير في لبنان.

وقال «هانز باومان»، المتخصص في السياسة في الشرق الأوسط في جامعة ليفربول، الذي كتب سيرة «رفيق الحريري»: «لقد اكتسب السعوديون نفوذا، ليس على المجتمع السني فحسب، بل أيضا على البلاد».

تعثر كبير

وقال المصرفيون الذين عملوا مع الشركة إن المشاكل التي تواجه أعمال «الحريري» بدأت منذ ما يقرب من 3 أعوام، حيث بدأت المملكة في التعامل مع تأثير انخفاض أسعار النفط على المالية العامة.

وقاد «محمد بن سلمان» -الذي كان وليا لولي العهد في ذلك الوقت، وأصبح وليا للعهد هذا الصيف- محاولة لتشديد الإنفاق على مشاريع البناء التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، ومن بينها تلك المشروعات التي تدعم «سعودي أوجيه».

وتوقفت الشركة عن دفع أجور العمال ابتداء من عام 2015، ومع استمرار تأخر الرواتب، ترك آلاف العمال المهاجرين، ومعظمهم من جنوب آسيا، وظائفهم للعودة إلى ديارهم، وفقا لما ذكره المصرفيون والموظفون السابقون، وقالوا إن قوة العمل، التي كانت تصل إلى 50 ألف شخص، تقلصت تقريبا إلى الصفر بنهاية يوليو/تموز.

ويقول المهندسون الفرنسيون، الذين ذهبوا إلى المملكة للعمل في هذه المشاريع، إنهم بقوا لأكثر من عام خلال الفترة 2015-2016 دون الحصول على رواتبهم.

وقال أحد الموظفين السابقين، «فينسينت ليساج»، وهو فرنسي عمل لمدة 7 أعوام في الرياض لصالح «سعودي أوجيه»قبل أن يغادرها: «لم نكن نتقاضى رواتبنا».

ودفعت مشاكل الأجور الخاصة بـ«سعودي أوجيه» إلى تصعيد الشكاوى ضد «الحريري» لدى الحكومة الفرنسية، وفقا لرسائل نشرتها صحيفة وول ستريت جورنال.

وقد قال «الحريري» مرارا للدبلوماسيين الفرنسيين إن شركته تعمل على دفع الرواتب المتأخرة، وكان السفير الفرنسي لدى السعودية قد كتب إلى «الحريري»، في يونيو/حزيران عام 2016، قائلا: «أصبح دفع الرواتب المتأخرة أمرا ملحا، وتشعر سلطاتنا بالقلق، لأن الوعود التي قطعتها لنا منذ بضعة أسابيع لم يتم الوفاء بها».

وقال المسؤولون الفرنسيون إن الحكومة السعودية تدخلت في سبتمبر/أيلول الماضي ودفعت للموظفين الفرنسيين في الشركة ما يعادل 9 أشهر من الأجور، الأمر الذي كلف المملكة ملايين الدولارات.

وقالت «كارولين واسرمان»، المحامية في باريس، إن «سعودي أوجيه» لا تزال تدين بما يقرب من 20 مليون يورو (23.5 مليون دولار) كرواتب متأخرة لـ80 من موظفيها السابقين، وضرائب الضمان الاجتماعي لعملائها.

وخلال محادثات مع مسؤولين فرنسيين حول هذا الموضوع، قالت السلطات السعودية إن الحكومة تستعد لدفع ما تبقى من أجور العمال غير المدفوعة، وفقا لما ذكره مسؤولون فرنسيون.

وفي الوقت نفسه، طالبت وزارة المالية السعودية، عام 2016، بالحصول على وثائق من شركة «سعودي أوجيه» حول ممارسات إنفاقها، وقد استأجرت شركة برايس ووترهاوس كوبرز للمحاسبة للمساعدة في مراجعة الحسابات، وفقا لما ذكره «هوبير باباي»، الذي ترأس قسم مراقبة التكاليف في «سعودي أوجيه» آنذاك.

ويقول المصرفيون الذين عملوا مع شركة «سعودي أوجيه» إنهم طرحوا سيناريوهات مختلفة لإنقاذ الشركة، بدءا من إعادة هيكلة الديون إلى استحواذ المملكة على حصة أقلية في الشركة أو تأميمها.

وباعت «سعودي أوجيه» حصتها في بنك أردني بحوالي مليار دولار أمريكي لجمع الأموال، لكن البنوك لا ترى الآن سوى فرصة ضئيلة في عودة الشركة لتشغيل عملياتها، ووضعت المحاكم الفرنسية «أوجيه الدولية»، الشركة التابعة للمجموعة في منطقة باريس، تحت الإدارة القضائية، في سبتمبر/أيلول عام 2016.

وبدأ «رفيق الحريري» شركته «سعودي أوجيه» بعد أن انتقل إلى السعودية من لبنان في سن المراهقة، ونمت الشركة بسرعة، وتغذت على عقود البناء التي بلغت قيمتها مليارات الدولارات، التي قدمتها لها العائلة المالكة السعودية، الأمر الذي سمح لها أن تصبح عملاق بناء متعدد الجنسيات في الثمانينات.

وعاد «رفيق الحريري» إلى لبنان رجلا ثريا، ودخل في السياسة، وأصبح رئيسا للوزراء لأول مرة عام 1992، واستخدم ثروته لتمويل حملته، في حين ساعده الدعم الذي تلقاه من قبل العائلة المالكة السعودية على بناء الدعم بين الطائفة السنية اللبنانية.

وتولى «سعد الحريري» مسؤولية «سعودي أوجيه» بعد أن اغتيل والده بسيارة مفخخة عام 2005.

ومع ارتفاع أسعار النفط في ذلك الوقت، شرعت الحكومة السعودية في فورة بناء، وسلمت الشركة جولة جديدة من العقود القيمة، وشملت هذه المشاريع جامعة الأميرة نورة عبد الرحمن للنساء، والعيادة الطبية الشخصية للملك السعودي، وفندق ريتز كارلتون الرياض.

الخليج الجديد/ وول ستريت جورنال

أحدث العناوين

انفجارات في مدينة أصفهان الإيرانية..ماذا تقول الأخبار الأولية

تحديث: فوكس نيوز: مصدر أمريكي يؤكد الضربة الإسرائيلية داخل إيران، ويقول إن الولايات المتحدة لم تكن متورطة، وكان هناك إخطار...

مقالات ذات صلة