السعوديون والإماراتيون واليمن المأزوم

اخترنا لك

 د. محمد صالح المسفر

اعترف بأني كنت من أشد أنصار عاصفة الحزم التي أُعلنت الساعة الثانية عشرة بتوقيت مكة المكرمة، أي بعد منتصف ليلة السادس والعشرين من مارس 2015، لأسباب عديدة، أهمها عندي في ذلك الحين، أن المملكة العربية السعودية بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود خرجت من مرحلة الكمون والتردد إلى مرحلة الحركة والانطلاق، وأنها أصبحت تملك قرار الحرب والسلم  في المنطقة، يعاونها الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي، عدا سلطنة عمان ، واستبشرنا خيرا بالعهد الجديد، ولكن استبشارنا لم يدم طويلا.

كان تقديري أن الدول الخليجية بمفردها تملك التفوق العسكري والمالي والبشري على جمهورية اليمن وأنهم سيتمكنون من تحقيق الأهداف التي أعلنوها باسم التحالف العربي الذي أصبح أكثر من عشر دول عربية وإسلامية، وهي (1) إعادة الحكومة الشرعية إلى ما كانت عليه في صنعاء قبل استيلاء الحوثيون على العاصمة صنعاء وتمددهم عبر المحافظات الأخرى، وصولا إلى أقصى الجنوب في ميناء عدن الاستراتيجي، (2) وإحلال الأمن والاستقرار في ربوع الجمهورية، (3) وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 لعام 20115، (4) ومبادرة مجلس التعاون الخليجي، (5) ومخرجات الحوار الوطني اليمني، ومن ثم الانطلاق نحو سورية لوضع حد للحرب الدائرة هناك بين جحافل الثورة الشعبية على النظام الحاكم في دمشق وقوات النظام وأنصاره من المليشيات الطائفية التي اندفعت لنصرة نظام بشار الأسد المتهاوي الأركان، وكان طموحي لهذه “العاصفة” أن يكون لها اليد العليا في مجريات الأوضاع العراقية وكذلك ليبيا.

كنت أرجو لهذا التحالف النجاح السريع في اليمن؛ لأن اليمن لا يملك القوة التي تملكها قوة التحالف، وكان اعتقادي أن معركة الحزم لن تطول ولن تزيد عن ثلاثة أشهر في أسوأ تقدير. كان اعتقادي أن العسكرية السعودية لها وزنها في المنطقة، فما بالك إذا كان يعينها أكثر من عشر دول بجيوشها وجميع أسلحتها، ولكن مع الأسف خاب ظني في قوات ذلك التحالف، ثلاث سنوات مرت منذ بدء معارك عاصفة الحزم، كانت نتيجتها دمارا يكاد يكون شاملا على كل الصُّعُدِ في اليمن، ورعب على الحدود السعودية، وصواريخ تصل تخوم مكة المكرمة والطائف وتصل إلى العاصمة الرياض، ناهيك عن الحد الجنوبي للسعودية، وأصبحت الحرب في اليمن عبئا على السعودية ماليا وعسكريا وسمعة دولية وسقوط الهيبة العسكرية للجيش العربي السعودي؛ لأنه لم يستطع تحقيق أي إنجاز عسكري برا وبحرا وجوا.

(1) كما أشرت أعلاه إن من أهداف “عاصفة الحزم”، إلى جانب أمور أخرى، المحافظة على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، ولكن يتضح أن اليمن اليوم يسير بخطوات سريعة نحو التجزئة والتفكك ، وإشعال حروب بين اليمنيين، وخلافات عميقة كامنة بين الحليفين الباقيين (السعودية والإمارات) ستظهر في عاجل الأيام، فالسعوديون لن يقبلوا بأن “اليمن المفيد” سيكون بيد وتحت نفوذ قوة خارج إرادتهم. إن ما يجري اليوم في جنوب اليمن من اقتتال وتشكيل وحدات مليشاوية مسلحة مثل الحزام الأمني، وإعلان المجلس الانتقالي الانفصالي وتمكينه من الهيمنة على أرض الجنوب، وتشكيل النخبة الشبوانية، والنخبة الحضرمية الأولى في شبوة والأخرى في حضرموت ، وقد تتشكل نخبة أخرى في تعز، هذه النخب تلقى دعما ماديا ومعنويا من الإمارات، كما تقول أوثق المصادر اليمنية، وهذا لا شك سيكون له تأثير على أمن السعودية واستقرارها. وحتى كتابة هذه المقالة، قصر المعاشيق مقر الحكومة اليمنية والموجود فيه رئيس مجلس الوزراء وعدد كبير من الوزراء والمديرين العامين بحراسة الجيش السعودي والكل (الوزراء والجيش السعودي) أصبح محاصرا من قِبَلِ قوات الإمارات العسكرية العاملة في عدن. أليس ذلك   الحصار من حليفٍ يعتبر إهانةً للعسكرية السعودية، والذي يعتبر أقدم جيش في المنطقة؟!

(2) إن الداعين إلى انفصال الجنوب في هذه الظروف التي يمر بها الوطن العربي، واليمني على وجه التحديد، عبث سياسي منقطع النظير، لا جدال في أن بجنوب اليمن دعاة وحدة لليمن وسيقاتلون دعاة الانفصال، ولو كان مدد الانفصاليين تسليحا وتمويلا أقوى من دعاة الوحدة، لكن الفريق الأول لن يسعد بالاستقرار، وستتوالى الحروب بين الطرفين. والرأي عندي، أن تتحد كل القوى اليمنية الآن في مواجهة التمدد الإيراني إن صح ذلك القول وأداته الحوثيون، ومن بعده تعالوا إلى كلمة سواء بينكم، وحدة فيدرالية تشبه الاتحاد الأمريكي أو السويسري أو الهندي، اتحدوا في مواجهة من يريد الاستئثار بخيراتكم وثرواتكم الطبيعية والمكانية، اتحدوا من أجل أن يكون لكم ثقل دولي، اتحدوا من أجل بناء دولة قوية يهابها الأعداء وتشد أزر الصديق في الأزمات.

 

الخبر اليمني/أقلام

أحدث العناوين

انفجارات في مدينة أصفهان الإيرانية..ماذا تقول الأخبار الأولية

تحديث: فوكس نيوز: مصدر أمريكي يؤكد الضربة الإسرائيلية داخل إيران، ويقول إن الولايات المتحدة لم تكن متورطة، وكان هناك إخطار...

مقالات ذات صلة