أرض كوبية تحولت لمعتقل رعب أمريكي.. ما مصير «جوانتانامو» في عهد ترامب؟

اخترنا لك

الخبر اليمني/منوعات:

في الثلاثين من يناير (كانون الثاني) الماضي؛ أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال خطاب له في الكونجرس الأمريكي أنه يطلب من وزير الدفاع إعادة تهيئة سجن الـ«جوانتانامو» سيئ السمعة، الذي تم إنشائه في يناير عام 2002، وذلك من أجل استقبال المتهمين الذين تعتقلهم الولايات المُتحدة في حربها على الإرهاب التي شنتها بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) من عام 2011.

يقع معتقل «جوانتانامو» بخليج جوانتانامو، خارج أراضي الولايات المتحدة في الجنوب الشرقي بدولة كوبا، وهو ملك للولايات المُتحدة منذ عام 1903، وكان محل نزاع كبير بينها وبين كوبا خصوصًا بعد الثورة الكوبية عام 1959 والتي أتت بـ«فيدال كاسترو»الذي حاولت الولايات المتحدة اغتياله 600 مرة، وكان كاسترو يصف احتلال المتحدة لخليج الـجوانتانامو بأنه سكين في قلب سيادة وكرامة الدولة الكوبية، ولكن لم ينجح كاسترو في استعادة الخليج الذي ظلت الولايات المتحدة تستخدمه لصناعة وتجهيز الفحم الذي تستخدمه مركبات البحرية الأمريكية، إلى أن تم تحويله إلى معُتقل لمن تتهمهم الولايات المتحدة بالإرهاب وتقبض عليهم. وفي السطور التالية سوف نتناول معتقل «جوانتانامو» خلال فترة رئاسة كل من جورج بوش وباراك أوباما، وكيف سوف يكون خلال فترة الرئيس دونالد ترامب.

بالأرقام.. جوانتانامو من منقذ للاجئين إلى سجن سري لتعذيب المعتقلين

في بداية تسعينيات القرن الماضي اكتسب خليج جوانتانامو شهرة عالمية، وذلك بعد أن وقع انقلاب عسكري دموي في دولة هايتي في عام 1991، مما أدى إلى هروب حوالي 12500 شخص لاجئين إلى خليج جوانتانامو، الذي أصبح ملاذًا لهم من جحيم السلطة العسكرية في هايتي، وذلك قبل أن تجبرهم حكومة «جورج بوش» الأب أن عليهم العودة إلى بلادهم في عام 1993.

وفي عام 2002 قام «جورج بوش» الابن وليس الأب بالموافقة على إنشاء ما كان يسمى «كامب إكس راي» أو «Camp X Ray» في خليج جوانتانامو والذي تحول فيما بعد إلى سجن كبير، وأول دفعة من المعتقلين وصلت «كامب إكس راي» عام 2002 كانوا من باكستان وأفغانستان، والذين تم اتهامهم بالتورط في أحداث 11 سبتمبر 2011، أمثال الباكستاني خالد الشيخ محمد الذي تتهمه الولايات المتحدة بالتخطيط للحادثة

منذ تأسيس المعتقل عام 2002، اعتُقل فيه 780 شخصًا ينتمون إلى جنسيات عراقية وأفغانية وباكستانية ويمنية وفلسطينية ومغربية وروسية وموريتانية وماليزية وتونسية وجزائرية وإندونيسية وكينية وصومالية، أُطلق سراح 731 شخصًا منهم بدون أي اتهامات رسمية من المحاكم الفدرالية الأمريكية، وبإطلاق سراحهم نقصد أنه فقط أُطلق سراحهم من معتقل جوانتانامو، بعضهم نُقلوا إلى سجون بلادهم والبعض إلى دول أخرى والبعض مُنحوا الحرية وهم 122 شخصًا، من بين 780 اعتُقلوا.

اعتقلت الولايات المتحدة 15 طفلًا لم يتجاوز عمرهم 18 عامًا؛ بل كانت تتراوح أعمارهم ما بين 13-15 عامًا، وأيضًا من بين مجموع المعتقلين مات تسعة أشخاص داخل أسوار جوانتانامو يعتقد أن ستة منهم انتحروا وأنهوا حياتهم بأيديهم، ويتبقى في الوقت حالي داخل جوانتانامو 41 معتقلًا، صدر قرار بإطلاق سراح خمسة معتقلين في عهد باراك أوباما ولكن لم يتم ترحيلهم أو إطلاق سراحهم حتى الآن لغموض موقفهم بسبب وجود دونالد ترامب في البيت الأبيض والذي يعارض كل قرار اتخذه باراك أوباما من ناحية، ويرى أن بقاء جوانتانامو مهم للحفاظ على الأمن القومي الأمريكي من ناحية أخرى.

لماذا فشل باراك أوباما في إغلاق جوانتانامو؟

في عام 2009 تحديدًا في اليوم الثاني لباراك أوباما في البيت الأبيض؛ أصدر قرارًا بإغلاق معتقل خليج جوانتانامو، وذلك تحقيقًا لكثير من الوعود التي أطلقها أوباما طوال فترة حملته الانتخابية، وبرر أوباما قراره بسببين؛ الأول هو أن المعتقل نقطة سوداء في تاريخ الحقوق الإنسانية في الولايات المتحدة، لأن المعتقلين في جوانتانامو لا يخضعون للرقابة القانونية الأمريكية، فضلًا عن حالات التعذيب التي عرف السجن بها، والتي تنوعت بين الحرمان من النوم والطعام، وحتى الانتهاك الجسدي، والسبب الآخر لقرار أوباما، هو أن جوانتانامو من الممكن أن يكون مكانًا يخطط فيه المتطرفون للعمليات الإرهابية.

وبالفعل حاول أوباما تسريع قضية خالد الشيخ محمد المتهم الأول في حادثة 11 سبتمبر بالإضافة إلى أربعة متهمين آخرين في القضية، لأنه بإنهاء هذه القضية يمكن نقله إلى أي سجن فيدرالي يخضع للقوانين الأمريكية، وبالتالي لن توجد حاجة لمعتقل جوانتانامو، ولكن فشلت محاولات أوباما بإغلاق المعتقل أو بإنهاء القضية، ويرجح بعض المُحللين فشل أوباما لسببين؛ أولًا أن في عامي 2009-2010 كان باراك أوباما مشغولًا بتحقيق الوعد الانتخابي الأهم في حملته الانتخابية وهو ضمان الرعاية الصحية لكافة المواطنين الأمريكان الذين لا يملكون تأمينًا صحيًا، وهو ما نجح فيه من خلال سياسته المثيرة للجدل والتي أطلق عليها «أوباما كير». والسبب الآخر هو إعاقة الكونجرس لقرارات باراك أوباما المتعلقة بجوانتانامو، حتى أنه في عام 2011 أصدر قانون يجعل الكونجرس يضع قيودًا على نقل المعتقلين من وإلى الولايات المُتحدة مما يجعل الكونجرس أكثر سيطرة على مصير جوانتانامو من إدارة باراك أوباما.

وعلى الرغم من فشل أوباما في غلق معتقل جوانتانامو نهائيًا بسبب العراقيل التي وضعها الكونجرس أمامه، إلا أنه تبنى مجموعة من السياسات التي من خلالها استطاع تغيير الطرق التي يدار بها المعتقل؛ ففي عهد أوباما انتهت حالات التعذيب في المعتقل التي كانت تتبناها إدارة جورج بوش، فضلًا عن أنه استطاع إطلاق سراح الكثير من المعتقلين أو ترحيلهم إلى دولهم أو دول أخرى، وترك باراك أوباما البيت الأبيض ولا يوجد في جوانتانامو سوى 41 معتقلًا فقط، إلا أن هؤلاء المعتقلين الحاليين من الممكن أن تُعلق حالتهم أو استمرار اعتقالهم في جوانتانامو بسبب الرئيس دونالد ترامب.

ما مصير جوانتانامو في عهد دونالد ترامب؟

منذ اليوم الأول في حملته الانتخابية، يظهر دونالد ترامب العداء والرفض التام لكل سياسات باراك أوباما وبخاصة التي تتعلق بالشؤون والسياسة الخارجية، وبالطبع من ضمنها معتقل جوانتانامو؛ فقد وعد خلال حملته أنه سوف يملأ المعتقل بالكثير من الرفاق السيئين – بحسبه – وأنه لن يغلق جوانتانامو، لأنه يرى أن من بين هؤلاء الذين أطلق سراحهم أوباما عاد منهم 122 شخصًا للانضمام للجماعات المتطرفة التي تهدد أمن الولايات المتحدة.

في الواقع لم يكن حديث ترامب حول هذا الأمر دقيقًا، فإطلاق سراح المعتقلين من جوانتانامو بدأ منذ عام 2006 في عهد الرئيس جورج بوش، حيث قام بإطلاق 500 شخص ومن بينهم عاد 113 شخصًا للانضمام للجماعات المناهضة للولايات المتحدة مثل طالبان والقاعدة، وفي انتخابات 2008 كان جون ماكين المرشح الجمهوري يتفق مع باراك أوباما حول إغلاق جوانتانامو لأنه يسيء لسمعة الولايات المتحدة.

وكما ذكرنا قبل ذلك أن ترامب في نهاية يناير الماضي أصدر قرارًا إلى وزير الدفاع يطلب منه إعادة النظر واختبار السياسات التي تتعلق باستقدام المعتقلين إلى الولايات المتحدة وخاصة الذين يتم التحفظ عليهم في معتقل جوانتانامو، وعلى الرغم من قرار ترامب يعتقد بعض الخبراء أن حديث دونالد ترامب عن استمرار جوانتانامو لن ينجح، لأن كثيرًا من الدول التي تشارك الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب لن تسمح بترحيل المعتقلين إلى هذا المعتقل، فضلًا عن اعتراف ترامب نفسه قبل ذلك بأن المحاكم الفيدرالية الأمريكية أثبتت كفاءة في محاكمة الإرهابيين- كما تصفهم الولايات المتحدة – أكثر من كفاءة لجنة المحاكمات العسكرية في معتقل جوانتانامو، ولكن الأمر الذي يتفق عليه الجميع؛ هو أن معتقلي جوانتانامو من المرجح ألا يتغير حالهم خلال فترة رئاسة ترامب الأولى، أو التي قد تكون الأخيرة في نظر البعض.

 

ساسة بوست

أحدث العناوين

المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تنفذ إعدامات ميدانية ضد الأطفال في محيط مستشفى الشفاء

أفاد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن جيش العدو الإسرائيلي المجرم نفذ عمليات إعدام ميدانية بحق أطفال في محيط مجمع...

مقالات ذات صلة