بورصة «الحَلْب» بين البائع ترامب والشاري بن سلمان

اخترنا لك

الخبر اليمني|أقلام/رأي القدس:

المنصت إلى الكلمات المتبادلة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضيفه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، خلال استقبال الأخير في البيت الأبيض مؤخراً، يصعب أن يستبعد المقارنة بين المعلم الذي يلقن متفاخراً والتلميذ الذي يومئ صاغراً، أو بين البائع الذي يتفاخر بترويج بضائعه والشاري السعيد بابتياعها.
ولم يكتف ترامب باستخدام الوسائل البصرية المعينة وعرض لوحة تصور أصناف مبيعات السلاح الأمريكية إلى السعودية، بل استعرض الأرقام الفلكية للصفقات التي تبلغ 400 مليار دولار أمريكي، بل تباهى بأن المشتريات السعودية تخلق أكثر من 400 ألف وظيفة في أمريكا. أما بن سلمان فقد سابق مضيفه في الزهو بأن المملكة تتكفل بخلق أربعة ملايين وظيفة في أمريكا، وليس 400 ألف وظيفة داخل السعودية ذاتها حيث تتجاوز نسبة البطالة 12.8٪.
ولقد بدا مهيناً بصفة خاصة أن يتحدث ترامب عن صفقات بقيمة 3 مليارات، و533 مليونا، و525 مليونا، وأن يصف هذه المبالغ بأنها «فتات» بالنسبة إلى المملكة. قبلها كانت لغة الرئيس الأمريكي الفجة قد كشفت حقيقة هذه الصفقات الفلكية، وأنها «تعيد مئات المليارات إلى الولايات المتحدة»، في إشارة إلى وعد ترامب خلال الحملة الانتخابية الرئاسية بأن يجبر السعودية على تعويض أمريكا عن كل المليارات التي أُنفقت خلال الأعوام الماضية دفاعاً عن أمن المملكة.
وفي جانب آخر من هذا الحوار غير المتكافئ، كان لافتاً غياب أي حديث عن ورطة السعودية وتحالف «عاصفة الحزم» في اليمن، رغم أن هذا الملف تحديداً يثير الكثير من الاحتجاجات العالمية بصدد جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها التحالف إجمالاً والقوات السعودية خاصة. وكما فشل الكونغرس في تمرير مشروع بحظر بيع الأسلحة إلى السعودية، كان طبيعياً أن يتبجح البائع الجشع بتفاصيل هذه التجارة تحديداً مع الشاري السعيد!
كذلك كان لافتاً أن يتهرب بن سلمان من الإجابة الواضحة على أسئلة تخص موقف المملكة من قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، وأن يكتفي بالقول: «نحن نحاول التركيز على الجهود التي تحفز السلام للجميع. لا نحاول التركيز على أي شيء قد يثير التوتر». وهذه عبارة تفيد ضمناً بأن المملكة موافقة على القرار الأمريكي، كما تؤكد تقارير صحافية سابقة تحدثت عن ضغط ولي العهد شخصياً على الرئيس الفلسطيني محمود عباس لقبول «صفقة القرن»، ابتداء من إقرار ضاحية أبو ديس عاصمة فلسطينية بديلة للقدس.
وأخيراً، كان طبيعياً أن يزهو الشاري بعلاقة مع البائع عمرها يتجاوز 80 سنة، وأن البلد الذي يقبض بن سلمان على أعنة السلطة فيه هو «الحليف الأقدم للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط». ولكن أي حلف هذا الذي ينهض على نهم المعلم في «حلب» أموال التلميذ، حسب تعبير أثير سبق أن استخدمه ترامب نفسه، واعتبار المليارات مجرد «فتات» في أموال المملكة، والإعلان صراحة بأن الطرفين يدركان قواعد هذه البورصة أفضل الإدراك!

أحدث العناوين

أمريكا “الديمقراطية” تواجه المتظاهرين بالقناصة والمروحيات

أسقطت غزة ما تبقى من الشعارات الأمريكية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والتي لطالما اتخذتها واشنطن ذريعة للتدخل في الشؤون...

مقالات ذات صلة