«الريال» عشية «جنيف»: ورقة ضغط إقتصادية بأهداف سياسية

اخترنا لك

الخبر اليمني/رشيد الحداد/العربي:

في بلد يستورد معظم احتياجاته من السوق الخارجية بالعملات الصعبة ويعاني من حرب وحصار منذ ثلاث سنوات ونصف، تحول الدولار الأمريكي في السوق اليمنية إلى أداة حرب جديدة قبيل انعقاد مفاوضات جنييف المزمع انعقادها برعاية الأمم المتحدة المقررة في 6 سبتمبر.

خلال الأيام القلية الماضية تصاعد سعر صرف الدولار امام العملة اليمنية محققاً رقماً قياسي جديد، حيث أتجه سعر الصرف من 550 ريال للدولار الواحد منتصف الأسبوع الجاري إلى 600 ريال دون أي مبررات موضوعية ناتجة عن التفاعل الطبيعي بين العرض والطلب، فالدولار الذي ظل مستقراً طيلة إجازة عيد الأضحى دون تغيير، يعاني اليوم سعره من عدم الاستقرار في السوق المحلية، بفعل المضاربة الممنهجة التي تشهدها سوق الصرافة المحلية منذ أيام من قبل أيادٍ خفية لا علاقة لها بالقطاع الخاص ولا بالقطاع المصرفي.

فالانهيار الأخير في سعر صرف العملة اليمنية مقابل الدولار، والذي بدأ مع العد التنازلي لانطلاق مفاوضات جنيف، يؤكد بأن هناك من يستخدم الورقة الاقتصادية لتحقيق أهداف سياسية لم تحققها القوة العسكرية المفرطة التي استخدمت طيلة الثلاث سنوات والنصف، كورقة للضغط على خصوم الداخل وورقة للحصول على قرض تمويلي من المؤسسات الدولية، كالبنك الدولي، قدرة 3 مليارات دولار تحت مبرر وقف تدهور الأوضاع الإنسانية .
مضاربة مقصودة
في العاصمة صنعاء، ورغم الإجراءات الرقابية على المصارف والأسواق، إلا أن سعر صرف الدولار يستقر أثناء الصباح ويتغير أثناء المساء وتغلق السوق على سعر جديد وتفتح على سعر أعلى بشكل تصاعدي. وخلال الأيام الماضية اتضح أن هناك من يدير المضاربة بالدولار في السوق المحلية عبر الهاتف، وأن هناك جهات مجهولة تقدم عروضاً كبيرة لشراء الدولار من السوق بأسعار تفوق قيمتها الحقيقية في السوق. النيابة العامة في أمانه العاصمة صنعاء أغلقت عدداً كبيراً من محلات الصرافة التي تعمل خارج نطاق البنك المركزي، إلا أن تلك المحلات التي تمارس بيع وشراء العملات، تعاود فتح أبوابها مساءً أثناء انتهاء الدوام الحكومي.
إجراءات رقابية
أكثر من إجراء اتخذ في المناطق التابعة لحكومة «الإنقاذ» لوقف تدهور سعر صرف العملة اليمنية، ولكن لاتزال نتائج الإجراءات الرقابية المتخذة من قبل النيابة العامة والبنك المركزي، غامضة، فسعر صرف الدولار يتصاعد متخطياً تلك الإجراءات.

مدير إدارة الرقابة في البنك المركزي اليمني بصنعاء إبراهيم العواوي أكد لـ«العربي»، وقف التعامل مع سبع من شركات الصرافة العاملة تحت رقابة البنك.

وأشار العواوي إلى أن قرار البنك بوقف التعامل مع تلك الشركات جاء بعد أن ثبت ضلوعها في المضاربة والتلاعب بأسعار صرف العملة في السوق، وعدم التزامها بتعميمات البنك السابقة التي قضت بعدم التعامل بالعملات الجديدة المطبوعة دون غطاء من قبل الحكومة الموالية لـ«التحالف».

ونفس الإجراء اتخذ من قبل الجهات الرقابية في محافظات ذمار وإب وعمران والحديدة خلال الأيام الماضية، في محاولة لتخفيف حدة تدهور سعر صرف الريال اليمني الذي بات يفقد قيمته الشرائية يوماً بعد آخر في ظل الحرب الاقتصادية التي أصبحت موازية للحرب العسكرية.
دور «الشرعية»
الاتهامات اتجهت صوب حكومة هادي، التي لم تحرك ساكناً حول التدهور الأخير، ولم تتخذ أي إجراء لتهدئة السوق، فالكثير من المراقبين اعتبروا ما يحدث من انهيار في سعر صرف العملة اليمنية نتيجة لتداعيات الكتلة النقدية الكبيرة التي طبعت من قبل حكومة هادي دون غطاء من خلال العامين الماضيين من صدور قرار نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن.

مصادر اقتصادية أكدت أن الكميات المطبوعة من النقود دون غطاء تجاوزت الكميات التي كان متداول بها قبل الحرب والتي قدرت بتريليون و200 مليار ريال ، إلا أن الكميات المطبوعة من قبل حكومة هادي بلغت تريليون و650 مليار ريال، دون أن يتم سحب أي كميات من السيولة النقدية السابقة المتداولة في السوق، وهو ما تسبب بتصاعد معدلات التضخم إلى حدود 60% في السوق المحلية .
في قائمة المفاوضات
التدهور الاقتصادي المتصاعد والذي أدى إلى تدهور الوضع الإنساني في اليمن، فرض على حكومة «الإنقاذ » وضعة على قائمة مفاوضات جنييف الأسبوع المقبل.

وعلم «العربي» من مصدر حكومي أن أزمة البنك المركزي ورواتب موظفي الدولة التي أوقفتها حكومة هادي منذ عامين، واستمرار إغلاق مطار صنعاء والقيود المفروضة من قبل «التحالف» على ميناء الحديدة، والتي أدت إلى تراجع الملاحة البحرية بنسبة 79%، سيتم التفاوض حولها مع حكومة هادي، والتوصّل لحل يوقف تدهور سعر صرف الريال اليمني الذي فقد 179% منذ إندلاع الحرب أواخر مارس 2015م، باعتبارها أوليات لا يمكن تجاوزها في ظل التدهور الاقتصادي الذي تشهده السوق المحلية، والذي تسبب بارتفاع أسعار المواد الغذائية في أسواق صنعاء بنسبة متفاوتة من 20ــ 30% خلال أغسطس الماضي، وهو ما أثار المخاوف من حدوث انهيار شامل.

أحدث العناوين

Washington replaces the USS Eisenhower aircraft carrier with a base in Saudi Arabia

The USS Dwight D. Eisenhower aircraft carrier has departed the Red Sea region after six months of its deployment...

مقالات ذات صلة