القدس العربي: ماذا تعني سخرية ترامب من السيسي ووصفه بالقاتل؟

اخترنا لك

القدس العربي- الخبر اليمني:

قدّم الصحافي الاستقصائي الشهير بوب وودوورد في كتابه الأخير «الخوف» وقائع مثيرة وجديدة عن علاقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأعضاء إدارته، وبنظرته للقضايا الأمريكية والعالمية، كما أنه وفّر للجمهور العربيّ بعض المعلومات المفيدة حول الطريقة التي ينظر فيها ترامب إلى الزعماء العرب، بمن فيهم المعتبرون من أشد الموالين له، وعلى رأسهم طبعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

معلوم طبعاً تودّد السيسي الشديد لترامب قبل فوزه بمنصب الرئاسة، ومراهنته عليه، بعد ذلك، في مناصرته بتجريم «الإخوان المسلمين»، وإسباغ شرعيّة على المذبحة الكبيرة التي أشرف عليها للقضاء عليهم.

ورغم التحسّن النسبيّ في العلاقات بين أمريكا ومصر لاحقاً، لكنّ لغة الجسد بين الزعيمين خلال لقاءاتهما، كانت تشير إلى شكل من الازدراء الذي يكنّه ترامب لنظيره المصريّ، وقد بادل الرئيس الأمريكي نفاق السيسي له حينها بسخرية ظاهرة حين رد عليه بالتحدث عن حذاء السيسي الجميل!

تقدّم رواية وودوورد الجديدة تأكيداً لأجواء العلاقة تلك في حديث جرى بين ترامب ومستشار البيت الأبيض القانوني جون داود حول محادثات ترامب مع السيسي لإطلاق سراح الناشطة آية حجازي التي سجنتها السلطات المصرية ثلاث سنوات، وحسب القصة فإن ترامب وصف السيسي بـ«القاتل» مرفقاً النعت بكلمة بذيئة!

وأتبع ذلك بتقليد حديث للسيسي معه يبدي فيه الأخير قلقه من تحقيقات روبرت مولر في التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية سائلا ترامب إن كان سيبقى في الحكم لأنه يحتاج بعض الخدمات منه!

يجب أن نقرّ بداية بإمكانية وجود موقف للرئيس الأمريكي له جذور في النزعة المركزية الغربية، وفي الاتجاه السياسيّ العامّ لليمين المحافظ الأمريكي نحو العرب والمسلمين.

وهذا الموقف يمكن توسيعه افتراضياً ليتضمّن تعالياً أمريكيا على الشعوب العربية و«نخبها» من ملوك ورؤساء، لكن علينا أن نقرّ أيضاً أن احتقار الزعماء العرب لحقوق شعوبهم وطغيانهم وفسادهم ساهم في إعطاء مصداقية للتعالي الأمريكي عليهم.

لذلك من الواضح، أن ترامب يخصّ بعض الزعماء العرب، كالرئيس السوري بشار الأسد، الذي وصفه بـ«الحيوان»، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي وصفه بـ«القاتل»، بوضعيّة خاصة، فكلا الرئيسين خاضا في دماء شعبيهما، ويملكان سجلين مخزيين في طريقة الوصول إلى السلطة، والوحشيّة الكبيرة التي يتعاملان بها مع البشر وحقوقهم الإنسانية والسياسية.

لا يعفينا ذلك من القول إن سياسات عهد ترامب فتحت «صندوق باندورا» الشهير في الميثولوجيا اليونانية الذي تخرج منه الشرور في العالم.

ورغم ما توحي به بعض تصرفاته وأقواله من تأثره بالسياسات الليبرالية الراسخة في أمريكا والغرب، فإنه مسؤول بشكل مباشر عن سياسات عنصريّة ضد المسلمين والأقليات الأخرى في أمريكا والشعوب خارجها.

وهو مسؤول عن الطغيان الإسرائيلي الخطير ضد الفلسطينيين، وعن دعم سياسات ضد البيئة والمناخ العالميّ، وعن استفحال خطر الحركات العنصرية في الغرب وأوروبا، وهو يعبّر بدون هوادة عن رغبة في التقارب مع الطغاة، كالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

تقدّم هذه الوقائع مفاتيح لفهم الشخصيتين موضوع الرواية، فالرئيس ترامب قدّم بعد تلك المحادثة المزعومة مع السيسي بعام «تهانيه المخلصة» للسيسي على فوزه في انتخابات الرئاسة بنسبة 97%، كما أنه، في تغريدة أخيرة له قبل أسبوعين عن الأسد وصفه بـ«الرئيس»، والأمر نفسه جرى في التعامل مع دكتاتور كوريا الشمالية كيم جونغ أون، الذي تبادل معه الشتائم ثم التقاه وامتدحه.

تعبّر شخصية ترامب عن التناقضات الكبرى التي تعيشها نخب العالم الغربيّ حاليّاً، إضافة إلى التناقضات الفرديّة التي يمثّلها شخصياً.

لكن بغض النظر عن كل هذه التناقضات فإن سخريته من السيسي ووصفه له بالقاتل يكشفان عن حقيقة رؤية ترامب، والنخب التي يمثلها، لزعماء العرب الذين يدركون أن نفاقهم لزعيم البيت الأبيض (وأمثاله من زعماء العالم) ليس وصفة كافية لإعفائهم من الجرائم التي ارتكبوها بحق شعوبهم.

أحدث العناوين

انفجارات في مدينة أصفهان الإيرانية..ماذا تقول الأخبار الأولية

تحديث: فوكس نيوز: مصدر أمريكي يؤكد الضربة الإسرائيلية داخل إيران، ويقول إن الولايات المتحدة لم تكن متورطة، وكان هناك إخطار...

مقالات ذات صلة