الإصلاحيون الجدد وتحصين المجتمع ضد التغيير 1-2

اخترنا لك

محمد ناجي أحمد:
كيف يمكن لإخوان اليمن أن يوفقوا بين تعاليم وتوجيهات “الرسائل الثلاث” لمؤسس الحركة، وبين دعوتهم للعلمانية؟! فحسن البنا يرى أن تقليد الغرب، باتخاذ العلمانية نهجا، مبني على المغايرة، فلا قساوسة في الإسلام، بحسب رؤيته، ورجال الدين في الإسلام لا يملكون سلطة قلب النظام وتغيير الأوضاع، “مما جعل القواعد الأساسية في الإسلام محفوظة على مر القرون تساير العصور وتدعو إلى الرقي وتعضد العلم وتحمي العلماء”، بحسب قوله، وغاب عن مؤسس حركة الإخوان المسلمين أن الجماعة التي أسسها صار لرجال الدين فيها القدرة على قلب الأنظمة، والرقابة على الفكر والسلوك! ومع ذلك تظل إشكالية الدعوة إلى العلمانية، التي يتبناها “الإصلاحيون الجدد” في اليمن، هي في عدم إحداث مراجعة نقدية للإرث الفكري والتنظيمي الذي تركه لهم المؤسس، فالإخوان في مراجعاتهم يمارسون نقدا توفيقيا مع ما أنجزه سيد قطب؛ لكنهم لا يستطيعون إحداث قطيعة مع رؤية حسن البنا لمدينة الله… من هنا يصبح القفز دون إحداث قطيعة معرفية مبنية على نقد جذري وثوري،
 يصبح عملا من أعمال فقه النفعية والمرحلية كوسيلة للتمكين ومن ثم العودة إلى القواعد الأساسية التي لم يمسوها بالنقد والاختلاف… يقول حسن البنا بلغة بيانية تبشيرية يقينية: “كانت الدنيا في وقت ما شرقية بحتة، ثم صارت بعد ظهور اليونان والرومان غربية، ثم نقلتها النبوات الموسوية والعيسوية والمحمدية إلى الشرق مرة ثانية، ثم غفا الشرق غفوته الكبرى ونهض الغرب نهضته الحديثة، فكانت سنة الله التي لا تخلف وورث الغرب القيادة العالمية،  وها هو الغرب يظلم ويجور ويطغى ويحار ويتخبط، فلم يبق إلا أن تمتد يد (شرقية) قوية يظللها لواء الله وتخفق على رأسها راية القرآن ويمدها جند الله القوي المتين، فإذا بالدنيا مسلمة هانئة، وإذا بالعوالم كلها هاتفة: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله” (حسن البنا: الرسائل الثلاث، دار الطباعة والنشر الإسلامية، القاهرة، 1977، ص84 – نقلا عن: هشام شرابي: النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع الغربي، ت: محمود شريح، مركز دراسات الوحدة العربية، 1993م). لن يوجد تنوير دون تثوير الواقع الاجتماعي، أما الحديث عن تنوير جاهز، وتكييف المجتمع وفقا له، فتلك لعمري تؤدي إلى تحصن ومناعة المجتمع ضد التحولات التنويرية، بذريعة أنها دخيلة وجاهزة ومعطاة من الخارج. لهذا فالثورات الاجتماعية هي التي تنتج تنويرها، فلا يوجد وصفة جاهزة للتنوير ينبغي تمثلها والسير على منوالها، “وليس من المستغرب إذن أن تتسم مرحلة التنوير العربية (اليقظة) منذ بدايتها بالتوجع الطوباوي المتكيف الذي أكد أساليب العقلنة والمواءمة بدل الطرح الجذري والثوري بغرض إحداث تحول اجتماعي، ذلك أن القادة الأوائل لتلك اليقظة كانوا خريجي المدارس التبشيرية، لقد أنتجت الثقافة التبشيرية نخبة مثقفة رأى أفرادها منذ البدء ضرورة التأثير في المجتمع باللجوء إلى تنوير المعرفة ونبذ النشاط الثوري” (هشام شرابي، المرجع السابق، ص 99). الدعوة إلى العلمانية والتحول الديمقراطي لا تكون بقفزة تعزز الماضي في مواجهة التغيير. فالتحولات المجتمعية تأتي نتيجة “سياق طويل من التبدل والتغيير اللذين يتولدان في ثلاثة مجالات أساسية: في البنية التحتية المادية (النمو الاقتصادي على نمط عقلاني)، وفي المؤسسات الاجتماعية (مثلا: في تركيب الأسرة الأبوية)، وفي الممارسة السياسية” (هشام شرابي، المرجع السابق، ص171).
أقلام-الخبر اليمني

أحدث العناوين

المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تنفذ إعدامات ميدانية ضد الأطفال في محيط مستشفى الشفاء

أفاد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن جيش العدو الإسرائيلي المجرم نفذ عمليات إعدام ميدانية بحق أطفال في محيط مجمع...

مقالات ذات صلة