تلك الجارة التي لم ترع حق الجوار، بل امعنت في أذية جارها ومحاربته تقع اليوم في وضعٍ حرجٍ للغاية، ربما يكون القصاص العادل للجار المظلوم، وضعٌ جعلها مُلزمة بمراجعة حساباتها في علاقاتها الخارجية، واستراتيجياتها الداخلية، في محاولة للخروج بأقل الخسائر الممكنة بعد تدهور مكانتها العربية، والعالمية، وتراجع دورها الإقليمي، والدولي، ونظرة العالم السيئة لها بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي؛ بسبب آرائه بأوامر عليا من سلطات عليا أيضاً .
تلك هي المملكة العربية السعودية والتي تراجعت سمعتها سياسياً وإنسانياً واهتز ثقلها العالمي، بعدما كشفت التحقيقات عن ضلوع أيادٍ رفيعة المستوى من حكام الرياض في قضية مقتل صحفي المملكة، جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بطريقة وحشية وعلى يد مجموعة من رجال الأمن الخاص والمخابرات العسكرية السعودية والأصدقاء المقربين لولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للرياض والذي وجد نفسه منبوذًا وغير مرحب له بتاتاً في قمة مجموعة العشرين التي عُقدت في الأرجنتين وكان على هامش الصورة وهامش الحضور أيضاً .
ورغم الانقلابات المتوالية التي أحدثها محمد بن سلمان في أنظمة وقوانين بلاده وما سارت عليه منذ عقود وتطلعاته المستقبلية إلا أنه القا بالمملكة العربية السعودية في زجاجة ضيقة يصعُب عليها الخلاص منها بعد ما سببته في المنطقة من أزمات في المنطقة أهمها وأكبرها عدوانها وحربها على اليمن الذي امتد لأربعة أعوام طالت كل اليمنيين بالقتل والترويع والتجويع وعانى من عقباتها المواطن اليمني وتسبب في كارثة إنسانية وغذائية تهدد ثلث سكان اليمن بالموت جوعاً إلى جانب الانتهاكات التي مارستها مع حليفاتها في هذه الحرب ضد الأرض والإنسان.
ثاني أزماتها كانت مع حليفها القديم قطر والذي لا يظهر له سبب مقنع سوى أن السعودية باتت تخاف من توسع الدور الذي بدأت تلعبه قطر في المنطقة .
أما ثالث أزماتها وهي قاصمة الظهر التي غيرت صورة المملكة في نظر العالم وهي الطريقة الوحشية التي قُتل بها جمال خاشقجي بالتقطيع والنشر والذي أظهر السعودية وحكامها وكأنهم لا يملكون ذرة من الإنسانية وأنهم مجرمون بلا رحمة ولا ضمير ولاقت بسببه المملكة سخطاً دولياً وشعبياً يهدد علاقاتها وتعاملاتها ومصالحها مما يستوجب عليها البحث عن الخلاص سريعاً وإن كان بالتخلي عن الابن الفذ وقائد مسيرة الإصلاح والتطوير فيها.
