إيكونوميست: ترامب يدمر التحالف السعودي الأمريكي بدعم بن سلمان

اخترنا لك

لم يكن هناك رئيس أمريكي تودد إلى السعودية، منذ أن التقى “فرانكلين” روزفلت بـ”بن سعود” على متن سفينة كوينسي في عام 1945، مثل “باراك أوباما”.

صحافة-الخبر اليمني:

زار “أوباما” المملكة 4 مرات، أكثر من أي من أسلافه، ومرتين أكثر من أي بلد آخر في الشرق الأوسط، وعلى مدار فترة رئاسته، باعت الولايات المتحدة للسعوديين ما قيمته 112 مليار دولار من الأسلحة وقدمت معلومات استخباراتية ووقود للطائرات في حربهم ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، ومع ذلك، ترك “أوباما” منصبه وهو شخصية مكروهة من السعوديين، فقد كره السعوديون ميله نحو آسيا، ومحاولته تحقيق الانفراج مع إيران، وفوق كل شيء، حماسته للربيع العربي المؤيد للديمقراطية.

لو كان الرئيس “دونالد ترامب” قد درس التناقضات في سجل سلفه “باراك أوباما”، فإن طموحه في جعل العلاقات مع السعودية محور سياسته في الشرق الأوسط ربما كان ليتحظى بفرصة للنجاح، ولكنه مع تجاهله هذا الإرث، فإنه قام بتعريض أقدم تحالف أمريكي في الشرق الأوسط لأزمة أكبر بكثير.

وصف “أوباما” العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية بأنها “معقدة”، حيث إن البلدين يشتركان في مصالح، بما في ذلك رغبة أمريكا في توفير إمدادات نفطية يمكن التنبؤ بها للاقتصاد العالمي، ورغبة السعودية في الحماية والأمن وتصميم كلا البلدين على ردع إيران، ومع ذلك فإنهما لا يشتركان في قيم أو تقاليد سياسية أكثر مما كان عليه الأمر عندما التقى “روزفلت” بأول ملك سعودي.
فالسعودية هي نظام ملكي استبدادي قام بقطع رؤوس 48 شخصًا في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، وقد خنق وقطّع جسم كاتب عمود في صحيفة “واشنطن بوست” في قنصليته بإسطنبول، أما أمريكا فهي أقدم ديمقراطية في العالم.
وكانت النتيجة، على مدى العقود السبعة الماضية، هي حالة شبه ثابتة من غياب الفهم المتبادل، والمصالح المتقاطعة، والانفجارات الدورية، والأسوأ من هذا فإن العلاقات اقتربت من حافة الهاوية في أكثر من مناسبة.
وتدفع النتائج المترتبة على مقتل “خاشقجي”- الذي تم بشكل مؤكد تقريباً بأوامر وليّ العهد السعودي- في اتجاه مماثل تقريبا، حيث يعد الجهد الذي يبذله الحزبان الجمهوري والديمقراطي في مجلس الشيوخ لإدانة “محمد بن سلمان” تنكراً أوسع للعلاقة مع السعودية.
وتراهن الإدارة الأمريكية ـولا سيما صهر ترامب “غاريد كوشنر”ـ على أنه من خلال رعاية رؤية “محمد بن سلمان” المنفتحة إزاء (إسرائيل) فقد يتم إجبار الفلسطينيين على التفاوض، ومن خلال تشجيع تعصبه ضد إيران، فإنه يخدم أجندة الإدارة ضد نظام الملالي.

ويركز “ترامب”، الذي قام بأول رحلة خارجية له إلى الرياض، على وعود هوائية بالمليارات من الاستثمارات التي تلقاها من السعودية، لكن مجلس الشيوخ، بقيادة الجمهوريين مثل” ليندسي غراهام” و”ماركو روبيو”، وهم حلفاء تقليديون للرئيس، لا يعجبهم ذلك.
وتنبأ “روبيو” بأن مقتل “خاشقجي” “سيؤدي إلى تمزيق” استراتيجية “ترامب” في الشرق الأوسط، وقد أثارت جهود “ترامب” اللاحقة في إنكار مسؤولية “محمد بن سلمان” عن القتل، بما يتناقض مع استنتاجات وكالات الاستخبارات الأمريكية، تسببت في غضب الكونغرس، ويتذكر العديد من الجمهوريين اليوم مساعي “ترامب” لإعفاء “فلاديمير بوتين” من اللوم على القرصنة الانتخابية، وهي قضية يشعرون بالقلق بشأنها ولكنهم أقل قدرة على مواجهة الرئيس بشأنها، وهكذا أصبحت خلافات السياسة الخارجية الغامضة مشتبكة مع الخلافات السياسية الداخلية، ما يصعب من مهمة حلها.

ومع إدراك هذا التفاوت في القيم، سعى جميع أسلاف “ترامب” بداية من “روزفلت” في الحد من تأثيره من خلال وسيلتين؛ أولهما تشجيع السعوديين على تحسين سجلهم في مجال حقوق الإنسان، وكان أنجحهم في ذلك “جون كينيدي” الذي ساعد في إقناع السعوديين بإلغاء العبودية في عام 1962.

أما الوسيلة الثانية فكانت هي الحفاظ على العلاقات محددة إلى حد ما، وعزل الخلافات بين الملوك والرؤساء عن التطور إلى خلافات أوسع في السياسة الخارجية أو سياسات الطاقة، ونتيجة لذلك، كان كل انهيار سابق في العلاقة محصوراً على الرؤساء والملوك، وهذا بدوره سمح بإمكانية التوصل إلى حل توافقي عندما يبدأ منطق المصالح المشتركة في بسط تأثيره مرة أخرى، فمثلاً؛ لإنهاء الحظر النفطي؛ قام “هنري كيسنجر” بإقناع (إسرائيل) بالانسحاب من بقايا الأراضي السورية؛ وفي عام 2001 تعهد “جورج دبليو بوش” بدعمه لدولة فلسطينية.

ولكن “ترامب” تخلى عن هذه الاحتياطات العريقة، وبدلا من تخفيف طبيعة المقايضة في العلاقة، فقد احتفى بها، ويعتقد الكثيرون أن “محمد بن سلمان” لم يكن بوسعه أن يأمر بقتل “خاشقجي” بدون ذلك، وبدلاً من الحفاظ على التحالف متحفظاً، أعلن عنه بصوت عال، مما جعل قتل “خاشقجي” أكثر أهمية من الناحية السياسية عما كان يُفترض أن يكون عليه.


لكي نكون منصفين، فإنه حتى الملوك يحتاجون إلى أن يكونوا أكثر حذراً مما كان عليه “محمد بن سلمان”

ربما لو كان “ترامب” ملكاً سعودياً لما كان هذا مهماً، ولكن رد فعل مجلس الشيوخ يظهر أنه ليس كذلك، ولكي نكون منصفين، فإنه حتى الملوك يحتاجون إلى أن يكونوا أكثر حذراً مما كان عليه “محمد بن سلمان”، وقد أدان بعض حلفاء السعودية – بما في ذلك المغرب – تهور ولي العهد، الذي لم يكن مقتل “خاشقجي” إلا آخرا

رهانات غير واقعية

كشفت الكارثة على الأقل كيف كانت رهانات الإدارة الأمريكية على السعودية غير واقعية دائماً، وأن “محمد بن سلمان” هو شخص لا يمكن التنبؤ به، وفكرة أن الطريق إلى السلام في الشرق الأوسط يمر عبر الرياض هي فكرة خيالية.
فحتى الديكتاتوريين الملكيين يقلقون من الرأي العام، والرأي العام في السعودية ضد التسوية مع (إسرائيل)، كما أن فكرة أن السعوديين يمكن أن يساعدوا في إسقاط الملالي الإيرانيين مبالغ فيها بالمثل، و”الناتو العربي” الذي طرحه السعوديون هو أمر خيالي.
كما أن الهيبة السعودية قد انكشفت في جميع أنحاء العالم عبر صور كاميرات المراقبة التي رصدت حفنة من السفاحين السعوديين الذين تسللوا إلى إسطنبول بمنشار عظام.

أحدث العناوين

Ansar Allah leader reviews American and British failure in confronting Yemeni operations

On Thursday, Ansar Allah leader, Abdul-Malik Al-Houthi highlighted the American and British failure in their attempts to counter Yemeni...

مقالات ذات صلة