نساء اليمن تحت الحرب: ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا

اخترنا لك

المرأة التي هي نصف المجتمع وتلد النصف الآخر في الحياة الاعتيادية، في حالة السِلم والاستقرار تجد نفسها تضطر لتكون المجتمع بأكمله، وفي زمن الحرب على اليمن من قبل دول التحالف تضطر لسد فراغ الأب والمُعيل أحياناً، وأحياناً بديلاً عنه حين تخطفه الحرب على حين غفلة، إما مقاتلاً فيها أو ضحية لها.

تللك المرأة التي يهدف القانون الدولي الإنساني إلى معاناتها والتخفيف منها في الحروب دون أي تمييز على أساس نوع الجنس، ويصنفها على أنها تواجه مشاكل محدودة في النزعات المسلحة، مثل العنف الجنسي، والمخاطر على صحتها، كما ذكر في أوراق اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وعلى ما يبدو فإن القانون الدولي قد غفلُ عن الكثير مما يطال المرأة في هذه الحرب العبثية التي تقوم بها دول التحالف، وكيف اصبحت المرآة الضحية الأولي، والأكثر بؤساً، فهي التي تخسر زوجاً أو ابنا أو اخاً، وهي التي تموت في قصف أو غارة خاطئة عليها في إحدى مخيمات النزوح، وهي ربة البيت التي تتحول إلي رجلٌ وأمرة كسد فراغ غياب الرجل أو مساعدته لتلبية حاجيات الحياة التي يهددها الحرب بكل الطرق.

أما المرأة اليمنية فقد جعلتها الحرب أكثر من ذلك

المرأة هي الثمن

جاءت حرب التحالف على اليمن التي كان يعتقد أنها ستكون قصيرة، تنتهي بين ليلة وضحاها ولكنها طالت كما لم يتوقع، فأمتد ليلها، ولم يأتي ضُحاها بعد، وخلال هذه السنوات الأربع من الحرب الهمجية، قاسىّ المواطن اليمني الأمرين منه الخوف والجوع والمرض والمجهول، وكان للمرأة اليمنية نصيبها من هذه الحياة والمعاناة.

“وتُشير تقارير صادرة عن الأمم المتحدة أن 30% من ضحايا الحرب في اليمن هم من الأطفال والنساء خلال العام 2017 وفي تقرير حقوقي للتحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان غير الحكومي أن أكثر من 1665 امرأه سقطن بين قتيل وجريح منذ بدء الحرب على اليمن حتى 2017″، ويزداد العدد طبعًا حتى اليوم.

المرأة الرجل

تختلف الحرب في اليمن عن بقية الحروب فحرب التحالف الاقتصادية اثقلت كاهل المواطن اليمني وطالت جميع جوانب حياته، ولها التأثير الأبرز على المجتمع والمرأة، حيث وجدت المرأة نفسها في مواجهة مباشرة مع هذه الحرب، فالكثير من الأسر اليمنية قد ذهب معيلوها إلى جبهات القتال أو أنهم فقدوا نتيجة لغارات التحالف، وأصبحت الأسر بلا مُعيل مما جعل المرأة تضطر لتلعب دور المُعيل أو الأب من الناحية التربوية اولاً، ومن الناحية الاقتصادية ثانياً، خصوصاً مع انقطاع الرواتب لأكثر من ثلاثة أعوام، و والأزمان المتلاحقة وارتفاع الأسعار وانعدام الغاز والمشتقات النفطية، ولعل الحصار الاقتصادي ضرب بجذوعه على المواطن اليمني، وكان لشرعية هادي المهترئة الدور في هذا، وعمل كذلك على نقل البنك المركزي لعدن، مع عدم الوفاء بدفع الالتزامات الحكومية التابعة لهادي للكثير من الموظفين اليمنيين.

ومع أزمة الغاز المفتعلة  التي تشهدها العاصمة صنعاء وتؤكد المعلومات وقوف حكومة الشرعية خلفها بمنعها صرف حصة العاصمة الاستهلاكية وقفت المرأة في طوابير طويلة لتعبئة الغاز وقامت بالتحطيب وأصبحت تصطحب أطفالها إلى المدارس لغياب الأب والخوف عليهم وغلاء المواصلات وخرجت لجلب الماء من خزانات السبيل في الشوارع التي تبرع بها فاعلوا الخير كما قالت “انتصار صالح” وهي ربة منزل كانت تمارس الخياطة كهواية ولكنها اضطرت بعد الحرب للالتحاق بمعهد تقني لاحتراف الخياطة كمهنة تساعد بها زوجها على إعالتها وأطفالها السبعة الذين هم في سن الجامعة والمدرسة ويحتاجون الكثير من التكاليف، وأضافت أنها للمرة الأولى في حياتها تخرج وتقف في طابور للحصول على مساعدات كانت تقدمها بعض المنظمات رفضت تسليمها للزوج بحُجة أنه قادر على العمل.

 

بدائل كثر

القصص البطولية للمرأة اليمنية في مواجهة الحرب التي مست حياتها بشكل مباشر كثيرة فقد سعت لإيجاد بدائل تخفف من قسوة هذه الحرب عليها، فاستخدمت الحطب بدلاً عن الغاز المنزلي الذي ارتفع سعره عشرات الاضعاف وانعدم في فترات كثيرة واستثمرت الكثير من النساء قدراتهن ومهارتهن في الأشغال اليدوية والمنسوجات والحياكة لصناعة الكثير من المنتجات وبيعها وخرجت نساء أخريات للعمل وفتحت مشاريع خاصة بها كمحلات الحلويات والهدايا ومحلات تجهيز العرائس وغيرها ونجحت هذه المشاريع بشكل كبير جداً.

 

 الانترنت وسيلة

وسهّل الإنترنت ببرامجه المختلفة على الكثير من النساء العمل من المنزل عن طريق البيع عبر الإنترنت بعرض سلعهن في مواقع التواصل الاجتماعي لبيعها وايضاً إقامة الدورات عن بعد كدورات صناعة البخور ودورات الأشغال اليدوية وتُلاقي هذه الطريقة رواجاً كبيراً وقبولاً اجتماعياً ايضاً حيثُ تقوم صاحبة السلعة بالتعامل مع أحد المحلات التجارية لتسليم البضاعة للزبائن.

 

 

ضحايا الحرب

المرأة ضحية من نوع آخر في كل الحروب التي تحدث، ولكن في حرب التحالف والجارة المعتدية، ضحيةٌ إنسانية قد تموت، وقد تُصاب، وقد تفقد أحبتها، وفي الحرب على اليمن فقدت حتى أنوثتها وتحملت معاناة النزوح في كثير من المناطق، و الكثير من النساء فقدن أحبتنهن ومُتن وتعرضن لمضاعفات حادة بسبب غياب الرعاية الصحية في المستشفيات، خاصة أثناء الولادة أو بسبب مضاعفات الحمل.

“وكما أشارت تقديرات لصندوق الأمم المتحدة بأن نحو 52800 امرأة حامل يواجهن خطر التعرض للمضاعفات التي تشكل خطرًا على أرواحهن إذا لم يحصلن على الرعاية العاجلة والأدوية المنقذة لحياة الأم”.

وهناك من الفتيات من حُرمن من التعليم أو سُحبن من المدارس والجامعات بسبب تكاليف الدراسة في ظل هذا الوضع الاقتصادي الصعب، ومن الفتيات من اضطرت للعمل على جلب الماء والعمل في الجولات والشوارع لساعات طويلة خلال ساعات النهار وحتى المساء.

هكذا هي الحرب تأخذ العزيز وتجعل الحياة أصعب، تدمر حياة بعض الأشخاص، وتحكم على أحلام الكثيرين بالموت والضياع، تقلب الموازين وتُحدِث خللاً في موازين العادات والتقاليد والعُرف والدين لأنها تستبيح كل شيء حتى الحرمات، وتتجاوز كل الخطوط الحمراء والمحظورات، وتعود بالشعوب عصوراً إلى الوراء.

 

أحدث العناوين

ضابط في البحرية الأمريكية يكشف تفاصيل معضلة بلاده في اليمن

قال الضابط السابق في البحرية الأمريكية جيمس دوروسي إن بلاده تواجه معضلة استراتيجية حيث تخسر في أول نزال بحري...

مقالات ذات صلة