نازحو الحديدة … المأساة المنسية 

اخترنا لك

مع اشتداد وتيرة الحرب في الساحل الغربي كانت مأساة ترتفع وتيرتها أيضا ” مأساة النزوح ” حيث نزح الالاف من سكان مدينة الحديدة إلى مناطق كثيرة منها العاصمة صنعاء، التي استقبلت الكثير منهم، فمنذ خمسة اشهر والنازحون يتوافدون إلى العاصمة حتى الأن .

محمد عارف-صنعاء- الخبر اليمني:

بظهر منحي يسند صالح علي ظهره على أحد جدران مدرسة أبو بكر بحي عصر في العاصمة صنعاء ” والتي خصصت مركز إيواء للنازحين القادمين من الحديدة ” وبعيون هدها التعب يراقب كل من يمر من امام المدرسة، لعله يجد تعبيرا لمأساته أو يجد أحد يجيب نداء تلك العيون المليئة بالألم  أو من  لديه القدرة ان يعيده لمنزله في مدينة الحديدة الذي غادره قبل أيام هربا من جحيم الحرب إلى هنا .

كان يعمل سائق دراجة نارية في مدينة الحديدة ويسكن في بيت صغير في شارع صنعاء ، لديه اربعة أطفال ، أكبرهم سبع سنوات ، يقول بصوت محشرج ” اما الان فلم أعد امتلك شيء ، سوى لقب نازح ، هذا اللقب الذي لم أتوقع ان يكون من نصيبي ذات اليوم ، لكنها الحرب التي جعلتني انجو بنفسي وأطفالي ”

يتحدث صالح عن قصة نزوحه وكأن مسامير اخترقت رئته اليسرى من شدة الألم ” كنا نسمع ان هناك اشخاص تركوا منازلهم جراء الحرب ، لكن كيف لهم ان يتركوا منازلهم ويذهبوا للمجهول ، وهذا ما جعلني ارفض فكرة النزوح حين بدأت الحرب تقترب من مدينة الحديدة ، جلست في منزلي رغم قصف الطيران والاخبار التي تحدث عن اقتراب الحرب للمدينة ، وبعد توقف المواجهات ادرت ان قراري كان صائب لكن ذلك القرار كلفني صحة ابنتي الصغيرة والتي أصيبت بصدمة جراء سماعها للقصف ، لم استطيع معالجتها حتى الأن وحينما اشتدت المعارك مجددا واشتد قصف الطيران وأيضا تراجع دخل عملي ، وجد صالح نفسه حينها مجبرا على النزوح لا يريد ان يخسر اطفاله  ، او يموت بالقصف ، يستمر بالحديث ” قررت الهروب لكن إلى أين ، انا بلا وجهه ، وتقطعت بي السبل .

يسيطر الفقر على اغلب سكان الحديدة، وعملية النزوح تحتاج إلى مبالغ كبيرة يعجز الكثير عن توفيرها، يدفع البعض إلى بيع كل ممتلكاته، يضيف صالح ” نحن فقراء، نعمل بأجرنا اليومي لذلك لا نملك المال الكافي لمواصلة الحياة هنا أو النزوح فقررت بيع دراجتي النارية بملغ زهيد جدا بالكاد يكفي لإيصالي إلى مكان امن .

صالح يعد واحد من الالاف الذين تركوا منازلهم في الحديدة ونزحوا إلى مناطق عديدة لكن الخوف من تكرار من حدث مع نازحي الخوخة وحيس والذين لجأوا إلى التسول وأكل أوراق الشجر بعد ان أغلقت الأبواب أمامهم، جعل صالح يتخذ قرار النزوح إلى صنعاء .

يسرد صالح ما تعرض له اثناء نزوحه ” خرجنا من المدينة في العصر و كنا سنموت مرتين ، الأولى حينما سقط قذيفة جوار الباص الذي نركبه ونحن خارجين من المدينة ، والثانية نتيجة قصف لطيران التحالف حيث استهدف نقطة لا يوجد بها أحد في منطقة الدريهمي وكنا قريبين جدا من الانفجار ، الذي كان سبب في تدهور حالة ابنتي الصغيرة المصابة بصدمة سابقة .

يلتقط أنفاسه ، ويحاول تماسك نفسه ، ويواصل حديثه ”   وصلت منتصف الليل إلى صنعاء وأدخلونا هذه المدرسة ، هكذا أصبحت بلا مأوى ، ولا ادوية لأطفالي الذين اصبحوا مصابين بالزكام بسبب الجو البادر في صنعاء  مقارنة مع الحديدة، ولولا حصولهم على بعض الملابس الشتوية المستخدمة من فاعلي الخير لكان الوضع ازداد سواء ، اما بخصوص بنتي المريضة فلم نستطيع الحصول على العلاجات المطلوبة لها ، فالمنظمات الاغاثية قالت بأنها لا توفر هذه الادوية .

 

لم تكن حالة صالح الوحيدة فالأرقام تقول بأن نحو 7700 أسرة نزحت من الحديدة إلى صنعاء، أي ما يقارب أربعين ألف نازح ضمن 121 ألف نازح أجبروا على النزوح جراء المعارك في والساحل الغربي، بحسب بيانات للأمم المتحدة.

يشير بيديه إلى داخل المدرسة ” بالداخل المئات من الاسر النازحة، تفتقد لأبسط مقومات الحياة ،  فالمنظمات الإغاثة الدولية والأممية ولم تقدم لهم المساعدات والمساكن اللازمة، فكل ما قدموه أم “ملابس ممزقة أو غذاء لا يأكله أحد”.

الأوضاع الاقتصادية الصعبة بسبب الحرب انعكست على حياة المواطن العادي فكيف بمن اصبح مشردا نازحا ، هكذا رد حينما سألته لماذا لا يبحث له عن عمل في العاصمة ، واردف ” كل ما أحلم به علاج لابنتي ، او غرفة صغيرة تأويني انا وهم ، واحيانا احلم بالموت ولا أن أعيش هذه العيشة ”

انفجر غاضبا وقال ” يقولون أنهم جاؤوا لمساعدة اليمنيين ، هل هكذا يتم المساعدة ، قالوا بأنهم سيحررونا ، لكنهم هجرونا من بيوتنا وشردونا وجعلونا نتمنى الموت ” بعدها صمت وذهب بعيدا مني وأشار بيديه علامة ” لا تقترب” وقال ” لا أحد يهتم بمعاناتنا حتى لو متنا من الجوع حتى انتم الصحفيين ” وغادر

أحدث العناوين

أمريكا ترفع قميص “إسرائيل” بوجه السبع لتمويل عملياتها في اليمن

فشلت الولايات المتحدة، السبت، بدفع حلفائها في مجموعة السبع الكبرى لتمويل عملياتها العسكرية ضد اليمن. خاص – الخبر اليمني: وأصدرت مجموعة...

مقالات ذات صلة