صديقان و الموت    (قصة انسانية)                    

اخترنا لك

يزحف الليل رويدا ليترك لنا فرصة كونية في رؤية أوراق الظهيرة… فيلحق بالإنسان عطب روحي يقض مضجعه المار بألوية النهار فيستدرك الظلام ما تبقى من أشعة متنقبة خلف عوار يجوب أبناء الشيطان ويزحف الحب في غيبوبته المبتورة يبحث عن مأوى آخر يشاركه الدفء..

سفانة ناجي-الحديدة-الخبر اليمني:

وينشد الصغار لحنا جميلا للحياة في مدينة تعانق البحر في كل لحظاتها…لحنا يقودهم نحو الخلود..لكن سرعان ما يكسر هذا اللحن بفاجعة هزت السماء قبل أن تسمع الأرض أنينها الموجع هنا حيث وصلت قذيفة تجر الزيف وراءها والهزيمة وتحمل حقدا خبيثا للبراءة …

وكانت من الأقدار أن يكون (حسام عكاشة) في  مكمن الذهول ذاك…حيث أصيبت إحدى يديه بشظية اخترقت أوردته الساكنة في معصمه المحمول جانبه…لم يستطع استيعاب الفجيعة التي حدثت وبدلا من الدخول إلى المشفى بجواره دلف يحثو الخطى إلى منزله ليسأل والدته ماذا أفعل وكيف أوقف النزيف يا أمي! فأنا لم أصب مسبقا بجرح كهذا..وإن رأيت دما فهو نتيجة خلع إحدى أسناني..وكنت تربتين على كتفي كي لا أخاف منه لأن بعده ستكون حياة أخرى …

لم يصل إلى منزله بعد لكنه التقى بصديقه (إبراهيم زاهر) والذي سمع دوي الانفجار وأحس بضيق في صدره وخرج ليرى مالذي حدث ..خرج للبحث عن بقايا حطام الإنسانية المتورم في اسمها العبثي..وصادف حساح بتلك اللحظة يحمل  يده المجروحة عائدا نحو منزله…

ألتقفه مسرعا به نحو المشفى لإسعافه..  وبخطى حثيثة ركب دراجته كالريح ممسكا بصديقه خلف ظهره ومطمئنا له بأنه سيكون بخير حتما وسيكون معه دوما..

لوهلة ظن أنه بسرعته سينقذه ويوقف ألمه..ويوقف نزف الإنسانية المستباح عبثا..وعندما وصل إلى بوابة المشفى..أخرست صداقته للأبد…

توقف المارة كلهم مشخصين أبصارهم إلى  مكان الجريمة الكاملة ينتظرون أذهانهم لاستعادة وعيها المغيب من هول الصدمة.. لأجزاء من الثانية حيث ارتطمت القذيفة بالأرض..بالإنسان..بالطفولة وأشيائها من ألعاب وعرائس الباعة المفترشين بوابة مشفى الثورة…اقترضت شفاههم تعابير الدهشة من أفلام الرعب والأكشن مع فارق أن الواقع لا تمر لحظاته مسرعة كما السينما …طالت مدة تأخر الإنقاذ فالأطباء والممرضون أيضا اختفوا من المكان خوفا من تكرار الفاجعة ويذهبون خلف أجدادهم..

كانت هذه الفاجعة الثانية في يوم واحد لم تمر بين الفاجعتين نصف ساعة..كل ما حدث كان مجردا للحقيقة وكاشفا لوهنها وزيفها ومميطا عنها عباءتها المرتخية..كل ما حدث هو إغراق لبقايا ضمير البشرية وبقايا النسيان..

لم يثبت شيئا مكانه سوى أكوام العمارات الراكدة والمعتدة باستقامتها متبرأة من أبناء جنسها…شاكرة لله أنها لم تكن طينا ناطقا يشحذ العقل مكانته فيها..

كانت هذه حكاية الشاب إبراهيم زاهر  ذي السبع عشرة خريفا..صاحب العينين الواسعتين  واللتين تحملن البحر بموجه وسكناته..تتسعان حتى كأنهما ليغرقان البراءة حبا في واد  ذي حياة وشغف..وصديقه حسام الذي يسكن قلبه منذ الطفولة..حيث كانا يمسكان الحلم بريشة ملونة بألوان زاهية كفرح متنكر.. تفرش جدران المدينة الساحلية النائمة في أحضان الظلام المخلوق ليشتت انتباه الضوء…و

في زمن البلاهة العربية  وحيث تكون الأسطورة في صوت طفل يناهز العمر بابتسامة..ويقض مضجع الظلم بأمنية..أدى بنا الكره العقيم إلى أن نصل لطريق معقور بالقزامة..

وبذا نكون قد حطينا الرحال حيث منعت الشمس أن تحلم بالشروق …وفي وجهها إبراهيم وحسام

أحدث العناوين

ابرز دولتين عربية وإسلامية مطبعة مع الاحتلال تتخلى عنه رسميا

أعلنت دولتين عربية وإسلامية، تعد من ابرز حلفاء الاحتلال الإسرائيلي، الأربعاء، التخلي عنه رسميا .. يتزامن ذلك مع دخول...

مقالات ذات صلة