العاطفة ونفاق المجتمع تهزمنا .. الثلاث البنات القتلى انموذجًا!

اخترنا لك

نحن في اليمن لا شيء يؤثر على قضايانا غير العاطفة ومجرياتها، ما يحدث في هذه البلاد أمر صعب ومر، نتقبل كل شيء تحت تأثير العاطفة وجنونها الذي يضرب في اعماقنا كل يوم، نتعاطف كثيرًا ولا سبيل للخروج من كوارثنا الآنية التي نمر بها.

ننجح كثيرًا في جلد ذواتنا ونفشل في أن نضع المرهم على الجرح ليمنع تقيحه، لا شيء من الحلول لكي نبحث عنها، ومن الملاحظ جيدًا أن العاطفة تجرنا، ما يجري في وسائل التواصل الاجتماعي، نفشل حتى في معرفة حقيقية ما يدور من أوجاع للكثير من الناس من حوالينا.

تمر علينا الكثير من الأخبار المتداولة بشكل يومي ولكن عمر مجتمعنا ما بحث لها عن حلول، وصار الحال هو الاستغلال السياسي القبيح لمثل هكذا أحداث، نسينا واجبنا تجاه هؤلاء الناس وصرنا نرمي بالأسباب هنا وهناك، صح أن الأسباب هي طريقة من طرق إيجاد الحلول، لكن الكثير يفشلون في إيجاد الأسباب الحقيقية، نسوا أن اليمن تمر بأبشع الحروب واقبحها في العالم، نسي الكثير أن الأعداء يتكالبون عليه، الحصار والحرب المفروضة علي اليمن هي سبب حقيقي لكل الأوجاع التي نعاني منها، الطيران يستهدف الأماكن المأهولة بالسكان، ويقصف المصانع والمخابز والمدارس والجامعات والمستشفيات والبنى التحتية، غرضه الإمعان في إذلالنا كثيرًا، لا شيء معنا غير الكرامة لنحميها أو نموت عنها، التحالف يحاول كسر كبرياء اليمنيين في كل يوم ألف مرة ومرة.

وللتذكير ما حدث بالأمس في منطقة ورزان قصف أحدهم مع أسرته بالكامل لم نجد من يتضامن معهم جيدًا، هؤلاء يقتلون بالطيران والبنات الثلاث قتلن بالحصار وليس بالماء، أبوهم لم يفصح عن شيء لقد قتلهم لكي يوقد فيكم  نار المعرفة للحقيقة وللأمر بكله، إنه يقول يخاف أن تداس كرامتهن في شوارع صنعاء، يخاف أن يرفع أحدهم زجاج سيارته ليختفي عنه حين تمد أحدى بناته يدها لكي تنال منه القليل من الخبز.

تخيلوا المشهد جيدًا، زميل يتحدث لي ويقول: “في يوم من الأيام شاهدت أمرأه بجوار احد المطاعم تبيع مناديل الفاين حين شاهدتها أنزلت زجاج سيارتي ولم أكن أجد النقود حينها، قلت لها والله لا أملك شيء، لكن أعدك بأني سأشتري منك في وقت آخر”.

فماذا كان ردها!

قالت:” الله يستر عليك يا أبني والله ما تهمني إلا كرامتي يكفي أنك نزلت زجاج السيارة وتكلمت معي، والله غيرك يرفع الزجاج أول ما يشوفنا، وكأننا نرتكب الكثير من الذنوب حين نبيع هذه المناديل”.

أوجعتني القصة كثيرًا ماذا عنكم أنتم تخيلوا حينما تتحدث لأحدهم بكبرياء فيرفع عنك زجاج سيارته لكي لا يرد عليك ولا يسمعك!

أليس صادمًا ذلك المشهد !
من هذه القصة نستنتج أن الرجل لم يكن الأمر بكل هذه السهولة أن عرض بناته للموت، لقد كانت تراكمات المجتمع والأصدقاء ومن حواليه، ما حدث للبنات الثلاث أمر مستنكر ولا أحد يمكن أن يتحمله أو يرضى به، إنه مستنكر بكل الوسائل القانونية وغيرها، ولكن ما لأمر المُر والذي أوصل هذا الرجل إلى هذا الحال، هل بحثتهم عن السبب ورجوتم الحلول أم أننا ظللننا نتباكى ولا شيء!

هل الرجل يمر بحالة إنسانية أم أن الأمر نتيجة لدوافع شخصية وذاتية ومجتمعية حقيرة، لا تنسوا أقسم أن المجتمع يتحمل الكثير من هذه الأخطاء، أثق أن الرجل طرق الكثير من الجهات ولا مجيب، أقسم أن الرجل طرق على الكثير من احبابه ولم يرد عليه أحد، أقسم إن كان صحيحًا معافى من أي مرض نفسي، فهو قد استغاث بالكثير ولكنه لم يجد من يقف معه ويسنده ولو بقليل من الأمر لتجاوز الحياة وصعوبتها، لا يمكن لشخص صحيح معافى أن يقدم على هذه الخطوة، لا تتحاملوا على الرجل!

 

ولكن فكروا في أنفسكم هل وقفتم مع الآخرين وحاولتم معرفة همومهم وأوجاعهم، تسألوا في أنفسكم هل قدمت أي شيء لجيرانك او حتى تفقدت أحوالهم، فكروا جيدًا ما سبب أن يصل هذا الرجل إلى هذه المرحلة في هذا العمر، هل هناك من أقاربه ومحبوه ومن يعرفه، رفض أن يمد له يد العون.

 نعم هناك!

هناك من رفض أن يمنحه حفنه دقيق أو قليل من الريالات، هناك من هذا المجتمع الكثير من المنافقين الذين يعجبهم الظهور ولا شيء، هناك من المجتمع الغني من يحب أن يمنح جمعية خيرية أو منظمة مدنية من أجل كتابة اسمه أو اسم شركته، لقد عم النفاق وساد المجتمع الكثير من العادات وحاجيات الظهور، نعم أتحدث من واقع المعاناة والأوجاع أعرف الكثير من الناس، عشت مع الكثير من النازحين عرفت الكثير منهم، تحدثت مع الكثير ممن تغير بهم الحال، الكثير منهم كانوا يطرقون ويتصلون على اصدقاء لهم ولكن لا أحد يجيب عليهم، صديقي “ياسين” الذي تحدثت عنه في مقال قبل أشهر كان يشكوا من نفاق المجتمع، مات بطلقة نارية على الحدود اليمنية، مات وهو قد منح خدماته الكثير من اصدقاءه، ولكن حين تغير به الحال قال لي: ” لقد تنكر لي الجميع يا صديقي! .

في الأخير فتشوا في أنفسكم عن شيء جميل، كونوا سفراء الإنسانية يا بني البشر، أعرفوا جيدًا واقعنا، ابحثوا عن الحلول ولا تنسوا دوركم، فتشوا في قرارات أنفسكم فتشوا في حاراتكم ومدنكم وقراكم عن الكرماء ومنحوهم القليل من ما لديكم بعيدًا عن عدسات الكاميرا أو شاشات التلفزيون أو أغلفة المجلات والجرائد، متى ما كنتم أنتم سفراء الإنسانية لن نجد من يقتل أبنه أو بنته خوفًا من أن تذل أو تداس كرامتها، حافظوا على كرامة غيركم يمنحكم الله المزيد من الكرامة والسخاء.

أحدث العناوين

Ansar Allah leader reviews American and British failure in confronting Yemeni operations

On Thursday, Ansar Allah leader, Abdul-Malik Al-Houthi highlighted the American and British failure in their attempts to counter Yemeni...

مقالات ذات صلة