الحرب بالنسبة لإيران اقل كلفة من مفاوضات نووية جديدة

اخترنا لك

لم تعلن إيران ان احتجازها ناقلة النفط البريطانية في هرمز، يأتي ردا على احتجاز بريطانيا لناقلة نفط إيرانية في جبل طارق، فمالذي يعنيه هذا ؟

ان عدم مقايضة ايران لناقلة النفط البريطانية بناقلتها المحتجزة في طارق، كان مقصودا، فهو دليل عدم رغبتها بالاصطدام ببريطانيا، وكل أوروبا ، وانه يمكنها الإفراج عن الناقلة ، وانجاح الوساطة، دون ربط ذلك بالإفراج عن الناقلة الإيرانية في طارق.

فالخطوة الإيرانية تأتي في إطار ما يعرف ب “إثبات المقدرة” وهي رسالة موجهة لامريكا تحديدا، بأن هرمز تحت التحكم الإيراني، ولا يمكن لامريكا تهديدها هناك، وأن ما تريده ايران سيحدث بطريقتها، فمالذي تريده ايران!

هنا نركز على مسألة مهمة، وهي ان ازمة احتجاز الناقلة البريطانية، لم تأخذ حجمها الأوروبي، فلم يصدر اي موقف الماني او فرنسي او حتى اسباني ضد ايران، ولم يعلن حلف الناتو انه اعتداء على دولة عضوة فيه وبالتالي فهو اعتداء على بقية الأطراف، وهذا يعني بقاء العلاقات الإيرانية -الأوروبية على حالها “علاقة ما بعد الاتفاق”، ويعني تحييد اوروبا من الصراع الإيراني – الامريكي بخصوص الاتفاق ، وهو صراع اقتصادي ،بدأ بأخذ منحى عسكري.

فلقد ذهبت فرنسا للوساطة بين ايران وبريطانيا ، وتم استحداث غرفة اتصالات مباشرة عبر “سلطنة عمان” القريبة من كل الاطراف، والتي جاءت الدعوة لاطلاق ناقلة النفط البريطانية على لسان خارجيتها.

هنا يمكن ان تستجيب ايران قريبا لهذا النداء وانجاح الوساطة، واطلاق الناقلة البريطانية، اذا ضمنت ان لا تستجيب بربطانيا مرة أخرى للضغط الأمريكي وتهدد او تهاجم او تعاقب ايران ، فستفرح عن الناقلة بشرط عدم التدخل في فرض العقوبات، بل والضغط من اجل مستقبل بقاء الاتفاق النووي الموقع، ورفع العقوبات، وإضعاف الموقف الأمريكي.

من هنا يمكن القول ان هدف ايران من احتجاز الناقلة البريطانية في هرمز أبعد من مجرد الإفراج عن ناقلتها في جبل طارق ، فالهدف هو الافراج عن الاقتصاد الإيراني. لذلك لن تفرض بريطانيا عقوبات على ايران، هددت بها مؤخرا بعد احتجاز ناقلتها.

يبدو أن هذه هي الطريقة التي تفكر وتتحرك بها ايران ، من خلال تصعيدها، وتعمدها استفزاز امريكا ، وإظهار انها مستعدة للحرب ، فالحرب العسكرية لن تكون اشد خطرا على إيران من الحصار الخانق.

‏من جهة أخرى فان محاولة اخراج مضيق هرمز عن سيطرة إيران، ستكلف العالم انهيار منظومته الامنية في كل ممرات الملاحة.

فايران تصر على مواصلة القيام بدور شرطي الخليج،بعد تغير النظام الإيراني قبل 40 عاما.
فهو شرطي لم يعد يتبع أمريكا،التي لاتقبل ان يعمل الشرطي القديم لصالح روسيا والصين، وتفشل بصناعة شرطي جديد.

واصبحت المعادلة ‏جبل طارق.. مقابل هرمز وباب المندب، فممرات الملاحة الثلاث الاهم اصبحت مباشرة تحت التهديد الأمريكي، فايران تسيطر على هرمز ولديها تواجد في باب المندب عبر حلفائها في اليمن،وامريكا تعمد لتهديد التواجد الإيراني في هرمز، وإضعاف قدرته على التحكم في باب المندب.

وان كانت أمريكا تظهر رغبة عسكرية بجمح طموح إيران ، فان الحرب ليست هي ما تريده امريكا ، ‏ان الحرب هي ماتريده ايران، التي ستواصل استفزازتها، وردودها التصعيدية بلا خوف، وذلك لان الحرب الاقتصادية، الحصار الخانق وإلغاء الاتفاق،اشد ضررا عليها من الحرب العسكرية.

اما امريكا فهي لا تفضل بدء الحرب الان في هذا التوقيت،قبل الانتخابات الرئاسية،وهذه نقطة ضعف ترامب التي تستغلها ايران.

وفي مقابلة وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف مع سي إن إن قال البارحة، انه لا يمكن استبعاد حدوث كارثة في المنطقة ، وكانت رسائله التهديديه واضحة.

ف‏توجيه رسائل مبطنة عبر الإعلام، واختيار الوسيلة، طريقة متبعة في السياسة الخارجية.
ان الرسالة في كل المقابلة تتلخص بأنه لا مفاوضات جديدة حول الاتفاق النووي ، والتذكير بحادث استهداف امريكا لطائرة مدنية إيرانية في 1988 قتلت 290 راكبا، لم يأتي عرضيا، مع اضافة جملة “الحوادث تحدث” بوجه متجهم لظريف، وهذا يعني انه يمكن لإيران الانتقام لنفسها وافتعال حادثة كهذه، والتذكير بها يعني التحذير.
فظريف في حديثه لفريد زكريا ، على سي إن إن ، تحدث بصراحة انه لا يمكن اعادة التفاوض حول اتفاق انفقنا الوقت من ساعات ايام وليالي وشهور وسنوات، ليأتي ترامب ويلغيه ببساطه.

وتبدو وجهة النظر الإيرانية مقنعه، فبعد 10 سنوات من التفاوض، واعلان الاتفاق في 2016، كيف يمكن ان يلغى لمجرد تغيير الرئيس من اوباما إلى ترامب ، فهذا اتفاق دول وليس اتفاق أشخاص
وامريكا تفاوضت واتفقت ووقعت، فكيف تلغيه بعد تغير مجيء رئيس جديد ،هل ما حدث في امريكا انتخابات أم
ثورة ..!

أحدث العناوين

Ansar Allah leader reviews American and British failure in confronting Yemeni operations

On Thursday, Ansar Allah leader, Abdul-Malik Al-Houthi highlighted the American and British failure in their attempts to counter Yemeni...

مقالات ذات صلة